مصطفى ضياء .. توثيق التّراث بمجسَّمات صغيرة

ولد وبنت 2024/06/10
...

 احمد نجم

بدقة وتركيز عاليين يصوب مصطفى ضياء نظره نحو مجسماته الصغيرة مستخدما مكبرة تساعده في رصد الأجزاء المتناهية في الصغر ليضعها بإتقان ويشكل منها مجسما يصعب تمييزه عن الصورة الحقيقية التي خطط عليها العمل. بدأ في ورشة الحدادة الخاصة بوالده بعمر أقل من 14 عاما يعمل على تحويل المواد الفائضة عن الحاجة إلى مجسمات فنية بسيطة في البداية مثل صناعة مصغرات السفن من الكارتون او صناعة الفؤوس والابواب من بقايا الحديد قبل أن يطوع يديه وأدواته نحو انتاج أعمال بدقة وحرفية يخيل لمن يراها على مواقع التواصل الاجتماعي كأنها مشاهد حقيقية.
مصطفى ضياء (22 عاما ) طالب في معهد الفنون الجميلة في الناصرية يخصص أعماله حاليا لتجسيد التّراث وخاصة تراث مدينته ويحوله إلى أشكال صغيرة مفعمة بالتفاصيل ، يقول لـ”الصباح” ( أركز على تجسّيد التّراث المعرض للانقراض وخاصة الشناشيل التي تكاد أن تختفي من الناصرية بشكل كامل).
اثناء تجسيده للشناشيل يستخدم مصطفى نفس المواد المستخدمة في الشناشيل الحقيقية تقريبا ويحرص على المحافظة على ذات الالوان ومحاكاة كاملة للواقع فهو يسعى لاعادة الانتاج والاستنساخ بحرفية عالية.
مشروع آخر يعكف عليه حاليا وهو إعادة تجسيد مدرسة تراثية مهدمة تخرج منها الكثير من أدباء ومثقفي سوق الشيوخ وتحولت إلى مكتبة عامة وتعرف بـ”المدرسة اليهودية” ، يسعى في ذلك حفظ ذاكرة المدينة إذ أن الصورة الوحيدة المتبقية للمدرسة غير واضحة لذلك فهو يستعين بذاكرة كبار السن للحصول على المزيد من الاوصاف والدقة لذلك الصرح المنقرض.
في سعيه لتجسيد التراث بنماذج مصغرة يقدم مصطفى أعمالا أخرى مثل الابواب التراثية بمختلف انواعها والشبابيك والسيوف والادوات الحربية القديمة ، فضلا عن غرف مصغرة مليئة بقطع الاثاث واللوحات والكتب ، وصل مجموع أعماله إلى نحو 250 عملا مصغرا ولم يتضمنها حتى الان معرض فني بسبب ضعف النشاطات الفنية في مدينته.
غالبا ما يستخدم خامات الخشب اوالحديد او الجبسون بورد بالإضافة للبلاستيك والكارتون والفوم ، مستخدما انواعا متعددة من الشفرات وأدوات ورشة الحدادة التي انطلق منها في بداياته.
يستغل مصطفى مواقع التواصل الاجتماعي لعرض أعماله التي غالبا ما تحظى باهتمام واعجاب كبيرين من المتابعين ويتلقى بعض الطلبات من هواة المصغرات لكن مشروعه الفني يبدو اكبر من ذلك فهو يعمل حاليا على التسلح بالمعرفة الاكاديمية والتقنية وعلاقة الألوان بالعمل الفني لينطلق في فضاءات اوسع.