أحمد عبد الحسين
اللافت في كلمة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمس في مؤتمر "الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة" الذي استضافته الأردن، أنه مرّ مروراً عابراً على ذكر المساعدات التي قدّمها العراق شعباً وحكومة لأهلنا في غزة، بل إنه تدارك هذه المرور العابر بهذه الجملة الموحية "المساعدات التي قدّمها العراق والتي سيقدمها هي أقل مستويات الواجب".
أورد السوداني في كلمته إيجازاً للخسائر الفادحة التي أعقبت العدوان الصهيوني على غزة والذي لم يزل مستمراً بوتائره المتوحشة، والخسائر هنا على نحوين: سياسيّ تمثل في فقدان الثقة بمواقف الدول العظمى والكبرى وتهاوي شعاراتها عن حقوق الإنسان، وآخر يتعلق بالخسائر الكارثية في أرواح الفلسطينيين وممتلكاتهم. وقد حملت الكلمة قائمة بهذه الخسائر مشفوعة بالأرقام، وهو أمر معبِّر عن جدّية العراق في الإسهام بإعمار ما دمرته آلة التخريب الصهيونية.
عبّر السوداني بشكل لا لبس فيه عن الضرر الكبير الذي أصاب مصداقية القوانين الدولية، بل النظام الدولي برمَّته بعد أن انكشف عجزه عن إيقاف الهمجية الصهيونية أو على الأقل إدانتها بشكل واضح.
جاءت كلمة السوداني متَّسقة مع كلمته التي ألقاها في مؤتمر القمة العربية بالقاهرة ومكملة لها، وفي كلا المؤتمرين كان الصوت العراقي هو الأوضح والأجرأ والأكثر صدقاً في الدلالة على مكامن الخلل وممكنات الحلول.
هناك أيضاً تأكيد على وجوب وجود دولة فلسطينية مستقلة واعتبارها مقدمة لكل حلّ ممكن لمشكلات المنطقة برمَّتها، وإشارات بليغة للدول التي تطلب من العراق السعي لعدم توسُّع الصراع في الوقت الذي تعمل هذه الدول على توسيعه من خلال الدعم اللامشروط واللامحدود لإسرائيل في عدوانها لا على غزة فحسب بل على دول المنطقة أيضاً.
المؤتمر الذي تحتضنه عمّان فرصة للدول المشاركة فيه وللأمم المتحدة ليتدارك الجميع تفريطهم الكبير وعجزهم عن مساندة الفلسطينيين سياسياً في كل مراحل العدوان، بالعمل الجاد على مساندتهم إنسانياً واقتصادياً والسعي لإعمار ما تهدَّم وتعويض ما يمكن تعويضه وإعادة الحد الأدنى من الحياة لأهالي غزة الذين يتعرَّضون لمشروع إبادة صهيونيّ بمباركة دول عظمى وصمت دول كبرى وعجز سائر الدول الأخرى.