صباح الخزعلي
يلفت الأنظار أثناء تجوالنا في شوارع بغداد العديد من المظاهر، لا سيما خلال شدة الازدحامات، من بينها تدوين عبارات وكلمات وجمل مختلفة على خلفيات السيارات والدراجات، بعض منها يحمل الطرفة والحكمة والموعظة والآخر يتضمن كلاماً ليس له معنى ويخدش الذوق والحياء. لا تهجر أحداً ولا تمسك من أراد الرحيل، إلي ما يتعدل يتبدل، لدغة عقرب ولا نظرة أجرب، خفف السرعة، دمعة أمك غالية، سأتزوج مطلقة تكره طليقها ولن أتزوج عزباء ما زالت تحب حبيبها، وعبارات أخرى متعددة مختصرة وأخرى طويلة.
“الصباح” استطلعت آراء شرائح مختلفة بشأن هذا الموضوع ومنهم أصحاب تلك العبارات، إذ قال سائق إحدى دراجات(التك تك) الطالب الجامعي (حاسبات) مصطفى جهاد كريم : هذه الجمل مفيدة إذا قرأها أي شخص لأن فيها موعظة ومراجعة للنفس، لا سيما تلك التي لا تسيء للذوق العام وفيها معانٍ وتذكير بأهمية اتباع الحكمة في الحياة، ودائماً ما ينتقدني البعض لكتابة كلمات لا تتلاءم مع الوضع والموقف والظروف التي نعيش فيها، وأحرص على تغييرها بين فترة وأخرى لذا لم أختر إلا المناسب منها، ولكن أعترض على من يكتب على دراجته عبارات تخدش الحياء ولا تحمل أي معنى، فقط كلام بعيد عن الذوق يعبر عن دواخل الشخص الذي يقود الدراجة، وكثيراً ما نتجادل بشأن هذا الموضوع خصوصاً أن العديد من سائقي دراجات(التك تك)هم مثقفون وخريجو كليات وأصحاب أسر، ينبغي الانتباه إلى ذلك التصرف غير
اللائق.
بينما قال سائق الأجرة علي طعمة (أبو منتظر): موضوع الكتابة ووضع الصور على خلفيات السيارات فيه سلبيات وكذلك ايجابيات، فهو موضوع طبيعي جداً، إذا كان الهدف أن نتشارك في قراءة حكمة أو موعظة تهم الجميع وتعود عليهم بالنفع والتصرف الحسن، لكن السلبيات تكمن باختيار صور وكلمات بعيدة عن الذوق وتخلو من أي احترام للمواطن الذي يقرأ أو يشاهد الصور هذه، ومن جهة أخرى هناك من يعد السيارة أفضل وسيلة مجانية للإعلان لا ضير بذلك إذا كان لا يؤثر في الآخرين.
الإعلامي وطالب الدكتوراه محمد موسى بيّن: أغلب الجمل التي أراها مكتوبة على السيارات لا تتناسب مع الذوق العام، فمنها ما يخدش الحياء ومنها مقاطع شعرية (قفشات)، ومنها حكمة وموعظة، وأنا كأحد أفراد المجتمع أجد أن لكل (مقام مقال)، وأعتقد أن المركبات صنعت كوسيلة نقل وليست جداراً للإعلانات، وكذلك فهذه العبارات لا تخضع للرقابة أو المتابعة من الجهات ذات العلاقة، فضلاً عن مخاطر هذه الظاهرة التي قد تسبب حوادث مرورية بسبب تشتت ذهن السائق الذي يقرأها وتصرف نظره عن الطريق دون أن يعي ذلك.
ويشير المواطن علاء عطوان (أبو احمد): نقرأ دائماً وخصوصاً على خلفيات دراجات التك تك في المناطق الشعبية، عبارات منها توجيهية وانتقاد لظواهر معينة ومنها أشعار وحكم و”تحشيش” عام، ومنها كلمات فيها إساءة وسب وتشهير وتهريج، وغيرها الكثير وعبر منبركم الوطني نتأمل أن تكون هناك رقابة على هذا الموضوع الذي يعد من الأمور العامة وغير الصحيحة، بحيث يتم توجيه أصحاب السيارات والعجلات بعدم كتابة مثل تلك عبارات أو لصق الصور التي لا تتلاءم مع مجتمعنا.
ويلفت طالب الماجستير فائق صبيح العطواني بقوله: أجزم بأنها حالة غير حضارية وغير مقبولة لدى عامة الناس، من خلال ما تحتويه تلك العبارات من معانٍ ومصطلحات سيئة وبذيئة وأخرى غير مقبولة اجتماعياً وأدبياً، فهي بطبيعة الأمر ربما تعكس وجه نظر صاحبها حول بعض المواقف وجوانب من حياته الخاصة التي لا تعني عامة الناس، على الرغم من تنوع مضمون تلك العبارات التي توزعت مابين الحكم والشعر والطرائف والتحدي والكبرياء والعاطفة والحب، وكمواطن أجد انزعاجاً كبيراً من تلك الشعارات والملصقات التي يضعها أصحاب العجلات بجميع أشكالها، كون الأغلبية منها لا تليق بطبيعة المجتمع العراقي الذي يميل إلى التحفظ، وهنالك بعض العبارات منها ما تشعرك بالخجل مع من حولك عند قراءتها لعدم التزامها بالقيم والمعايير الأخلاقية، وبحسب رأيي الخاص فإن من يضعون تلك العبارات لديهم شعور بالنقص إزاءها، ومن خلال قراءتي الشخصية لتلك العبارات استطيع أن أكشف شخصية صاحب العجلة نوعاً ما فهي تنقل بعض جوانب حياته الشخصية والتي لاعلاقة لنا بها إطلاقاً.
وأقول له عجلتك ملكك والشارع ملك الجميع وحياتك الخاصة لك فلا تخدش الذوق أخي سائق السيارة أوالدراجة بتلك العبارات لطفاً.
الموظف فيصل غازي غضبان اختتم موضوعنا بالقول: الكثير من الكلمات والجمل والعبارات التي تتوزع بين الحكم وكلمات التحذير والحب والدعايات عن منتجات، أو سلع نجدها مدونة على الدراجات والسيارات المختلفة منها ما يشد الأنظار والانتباه ومنها ما يجعل المرء خجلاً أمامها لما تحمل من إساءة أو تجريح أو كلمات نابية، وهي ظاهرة باتت تتفاقم وتتزايد مع الأسف، نأمل من الجهات المختصة متابعتها والوقوف عندها.