عبد المهدي: لا صحة لنيتنا تقديم الاستقالة

الثانية والثالثة 2019/06/12
...

بغداد / محمد الأنصاري
 
نفى رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي "الشائعات" التي روجها بعض السياسيين عن نيته تقديم استقالته، مبيناً في الوقت نفسه "قرب" حسم إكمال التشكيلة الوزارية، وبينما شدد أن "لا سلطة لحزب على الدولة وخصوصاً في أداء الوزراء والوزارات"، أكد الالتزام بتطبيق البرنامج الحكومي، كما أعلن عبد المهدي خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي أمسبلوغ إنتاج الكهرباء أكثر من 18 ألف ميغاواط وأن الحكومة تسعى لحل المشاكل المتراكمة في هذا الملف لأكثر من 4 عقود، ومن جانب آخر أكد رئيس الوزراء خلال زيارتهالمتحف العراقي أن العراق كان وسيبقى مركزاً حضارياً وتأريخياً ويجب أن نستفيد من هذا الإرث الكبير لبناء حاضر العراق ومستقبله، كاشفاً عن قرب استعادة 15 ألف قطعة أثرية عراقية من الولايات المتحدة.
يأتي ذلك في وقت وافق مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها أمسعلى مشروع قانون الاستملاك العيني للأراضي والبساتين الواقعة ضمن التصميم الاساسي لمدينة بغداد والبلديات، كما وافق المجلس على مشروع قانون كلية القوة الجوية ومشروع قانون الكلية البحرية، ووافق مجلس الوزراء على مشروع قانون الهيئة الوطنية للرقابة النووية والاشعاعية والكيميائية والبايولوجية.
 
المؤتمر الصحفي
وبدأ عبد المهدي مؤتمره الصحفي الأسبوعي أمس، بتجديد التهاني والتبريكات لشعبنا العراقي بمناسبة عيد الفطر المبارك، مبتهلاً إلى الله سبحانه أن يواصل العراق وشعبه صموده وانتصاراته وتجاوزه للصعوبات والتحديات، وأضاف، إن "العراق يتقدم ويتعافى ويجب أن نخرج من عقلية بأن بلدنا هو بلد أزمة ملازمة له كما قيل في وقت من الأوقات أن العراق سيتفكك وانتهى أو سيعلن إفلاسه أو يدحر؛ وكل تلك التوصيفات التي قيلت من مراكز وأسماء كبيرة، فذهبت تلك الأقاويل أدراج الرياح وبقي العراق واستمر صامداً".
وجدد عبد المهدي، الدعوة إلى "الخروج من عقلية الأزمة والعودة إلى وضع الحالة الطبيعية، ولكن هناك صعوبات وتحديات يواجهها العراق وهي موروثة في قسم كبير منها، وهو قادر على الخروج منها"، وأشار إلى أن الصعوبات تواجه العديد من البلدان "التي تتعطل فيها الحكومة سنة كاملة، إضافة إلى مواجهة مشاكل اجتماعية عميقة ومعقدة، ويجب عدم تحميل الشعب آثار تلك الأوضاع".
وأضاف، "نستذكر في مثل هذه الأيام ذكرى سقوط مدينة الموصل بيد الإرهاب، وهي ذكرى أليمة، وقلنا في وقتها رُبّ ضارة نافعة"وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم"، فالدولة الخرافية التي سمت نفسها بـ(الدولة الإسلامية) أعلنت في مثل هذه الأيام قبل 5 سنوات الموصل كمستقر وعاصمة لخرافتها المزعومة، فكان هذا الحدث سبباً لسقوطها وانهيارها وسبباً لكي يعبئ شعبنا كل قواه ويتوحد ويدخل في معركة بطولية عظيمة قدمنا فيها تضحيات كبيرة بإنجاز ملحمة كبرى يشهد بها العالم سواء ببطولاتها وأدائها أو تضحياتها، واستطاع شعبنا دحر هذه المجاميع الإرهابية التي احتلت مساحات شاسعة من العراق، واستطعنا دحرها".
وحيا عبد المهدي "فتوى الجهاد الكفائي للمرجع الأعلى السيد علي السيستاني، وكذلك موقف جميع المرجعيات والقوى السياسية والحشد الشعبي والبيشمركة والقوات المسلحة بكل صنوفها والحشد العشائري، وكذلك نحيي موقف الدول الصديقة والحليفة التي وقفت معنا، وذلك درس كبير بأننا حين نكون موحدين؛ فإننا نستطيع قهر تحد كبير كتحدي "داعش" الإرهابية للعراق، وكما نلاحظ اليوم فإن داعش وغيرها من مجاميع الإرهاب مازالتتهدد بلدانا أخرى، وتحاول داعش في العراق أن تجدد نفسها وترفع معنويات قطعانها، ولكننا نواجه هذه المعركة بثقة عالية، ومازالت وستبقى المبادرة والمبادءة بيدنا، ونقول أن داعش كالسرطان إن لم تجتث كل خلاياه بصورة كاملة فإنه سيحاول النمو مجدداً، ولكننا على يقين أن شعبنا واع وموحد اليوم، وكذلك جميع قوانا السياسية تعي هذه الأمور".
وأشار عبد المهدي إلى مراسم تنصيب نجيرفان بارزاني رئيساً للإقليم أول أمس الاثنين، وأكد أن "القوى السياسية اجتمعت على تأييد هذا الإجراء الذي شعرنا بالفرح إزاءه لأمرين أولهما للعلاقات بين قوى الإقليم واستقراره، وكذلك العلاقات بين بغداد والإقليم، ولقد شجعنا هذا الأمر ورحبنا به وأرسلنا موفداً من قبلنا، وكذلك رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والقيادات السياسية التي شاركت مراسم تنصيب رئيس الإقليم".
 
الأزمة الأميركية الإيرانية
وتطرق رئيس الوزراء إلى الأزمة القائمة بين الجمهورية الإسلامية في إيران والولايات المتحدة، حيث أكد أن "العراق مازال يلعب دوراً كبيراً فيها، ومازلنا نستقبل الوفود ونمارس دبلوماسية نشطة في هذا المجال عبر إرسال الرسائل وكذلك إرسال الوفود والشخصيات للعواصم المختلفة في محاولة لتفكيك الأزمة والوصول إلى بعض الحلول"، وأضاف، "لقد كان الأسبوع الماضي أسبوعاً للتهدئة، وما قبله كان تصعيدياً، إلا أننا نمارس دورنا في التهدئة، فالعراق بلد أساسي في هذا الشأن، وجميع الأطراف الدولية التي نستقبلها يؤكدون  دور العراق ويشيدون به ويتضامنون معه، فلقد استقبلنا وزير الخارجية الألماني وكان هناك تطابق في وجهات النظر واتفاق كبير بشأن هذه الأزمة، ولقد قام الوزير الألماني بزيارة طهران".
وكشف عبد المهدي عن زيارة سيقوم بها وزير خارجية سلطنة عمان الشقيقة إلى بغداد (اليوم الأربعاء) للتباحث بشأن أزمة المنطقة، مشيراً إلى أن "وزراءنا وسفراءنا ومندوبينا يتحركون وباتصال مع كل الأطراف لتطويق وتفكيك الأزمة القائمة"، وبين أن "طرفي الأزمة لهما مواقع قوية ومؤثرة، وما نقوم بتحقيقه هو ضمن كل هذه الجهود الدولية لتطويق الأزمة، وخيار الحرب ليس سهلاً، وجميع الأطراف لا تريد الذهاب إلى الحرب، ورغم ذلك لا توجد أحكام مطلقة في السياسية، حيث يمكن أن تتغير الأحداث بسبب حادثة بسيطة، ونعترف أننا لم نصل بعد إلى مرحلة السلام أو وضع أسس للتفاوض، فكل طرف يحاول الحصول على أفضل ما يريده إن حدثت مفاوضات، وهناك ضغوطات، كما أن هناك خطابات للجمهور من قبل كل طرف"، وأضاف، "لا نعرف إلى الآن ما الذي يحمله وزير الخارجية العماني الزائر، فالعناوين الكبرى بحث الأزمة؛ أما المضامين فسنعرفها (اليوم الأربعاء) بعد لقاء الوزير الضيف".
 
حرائق الحنطة
وفي شأن آخر، أكد عبد المهدي "المضي قدماً في تطبيق المنهاج الوزاري، وإننا قريبون جداً من التوقيتات التي أعلنا عنها في تطبيق جميع الجوانب المطروحة في البرنامج الوزاري، وهناك نسبة قليلة منه لم تستكمل -رغم أن هناك أمورا نفذت ولم تكن ضمن المنهاج- ففي هذا العام قمنا بعمل وجهد كبير في السيطرة على السيول وحققنا خزينا عظيما من المياه سيساعدنا في السنوات القادمة، وكذلك في مجال تسويق وتسلم الحنطة قمنا بعمل غير مسبوق في العراق، بتسلم كميات وفيرة من محصول الحنطة، حيث انتهينا من تسلم المحصول من المحافظات التسع جنوب بغداد، ولقد جرى تسديد مبالغ هذه الكميات جميعاً وهو أمر مهم، وسار كل شيء بشكل انسيابي جيد".
وأشار عبد المهدي إلى قضية الحرائق التي اندلعت في بعض المناطق الزراعية، مؤكداً أن "كل دونم يحرق هو خسارة للعراق، ورغم ذلك فتلك الحرائق هي أقل من نسبة الحرائق العام الماضي، ويعود معظمها إلى حرارة الجو"، مبيناً "تعاظم مساحة الأرض المزروعة هذا العام بما يزيد عن ضعف مساحتها العام الماضي"، كاشفاً عن اندلاع 262 حريقا وقع في مساحة تقدر بـ40 ألف دونم، وأضاف، إن "بعض الحرائق وقعت في مناطق عشبية وأخرى في سنابل حبوب حقيقية، وهناك 74 حريقا نتيجة حوادث تتعلق بالكهرباء، وغيرها نتيجة ارتفاع الحرارة أو أسباب أخرى، و35 حادثا فقط متعمدة، 25 حادثا بسبب الحاصدة، 22  حريقا بسبب أعقاب سجائر، 32  بسبب نيران خارجية، وقد جرى إنقاذ 992 ألف دونم، ولو لم تكن لدينا إجراءات دفاع مدني لاستمرت النيران وسط العشب اليابس وامتدت لتأكل ما تبقى"، موضحاً أن "المساحة المزروعة تتجاوز 12 مليون دونم، وإذا ما قسناها بمساحة الحرائق نجدها محدودة جداً"، مستدركاً "ورغم ذلك فإن هذه خسائر يجب الاعتراف بها وهي تحصل في كل مكان في العالم، ونحن نتابع الموضوع بالتفصيل"، داعياً إلى "عدم تضخيم مثل هذه المسائل، والحديث بموضوعية عن الإنجازات والقضايا الإيجابية وعن السلبيات، كي لا نفقد المصداقية والأمانة الذاتية".
 
ملف الكهرباء
وفي ملف الكهرباء، أكد عبد المهدي أن "هناك تحسنا في ساعات التجهيز، رغم وجود خلل في مؤشر الفولتية والتوزيع، ولقد بلغ معدل الإنتاج أكثر من 18 ألف ميغاواط وهو إنجاز كبير بتقدم يقترب من 4 آلاف ميغاواط عن العام الماضي، وكذلك هناك زيادة في ساعات التجهيز، ولكن نعترف أن لدينا مشاكل في التوزيع ونسعى إلى حلها، وهي تحتاج إلى وقت، حيث أن الحكومة التي لم تتعد أكثر من نصف عام لا تستطيع أن تحل دفعة واحدة جميع المشاكل المتراكمة منذ 1990، لأنها تحتاج إلى قضايا لوجستية وبنى تحتية، ورغم أن هناك معاناة إلا أن الحكومة دون تعاون المواطنين معها يصعب عليها أن تقدم حلولاً كافية".
 
أسئلة الإعلام
وأجاب رئيس الوزراء عن الأسئلة التي وجهها مندوبو وسائل الإعلام المختلفة التي حضرت المؤتمر، ففي إجابة له بشأن "شائعات" الحراك إزاء تغييره بسبب الخلافات السياسية وكذلك المناصب المتبقية من الكابينة الوزارية؛ أكد عبد المهدي أن "تغيير رئيس الحكومة بيد مجلس النواب، لأنه أتى بقرار من المجلس ولا حراك حالياً بهذا الاتجاه"، نافياً بصورة قاطعة "شائعات" نيته تقديم الاستقالة، عادّاً تلك الأقاويل "لتحريك الأجواء أو التحليل السياسي أو بصيغة المناظرات الإعلامية، وهو مكانها الصحيح"، وأضاف، "وفيما يخص سد الشواغر في التشكيلة الحكومية، فلقد ذكرنا مراراً بأن هناك سياقات نظمت مع القوى السياسية بأن تقدم مرشحين إلى رئيس الوزراء وهو بدوره يقوم باختيار من يراه مناسباً من هذه الأسماء لتقديمها إلى مجلس النواب للتصويت عليها، فإن اتفقت القوى السياسية عليها سنقوم بتقديمها، أما بدون اتفاق ومع اقتراب مجلس النواب من الدخول في عطلة تشريعية إلى الخريف المقبل، فإننا سنتخذ إجراءات عاجلة لحسم هذا الملف بسرعة، ولدينا اتصال بالقوى السياسية لحسم هذا الأمر خلال الفترة القريبة القادمة".
وأكد عبد المهدي أن "رئيس الوزراء هو المسؤول عن الوزراء وأدائهم، والوزير حالما يستوزر لا يعود مسؤولا أمام أي طرف غير رئيس الوزراء ومجلس الوزراء بموجب الدستور، وهناك منهاج وبرنامج وزاري وحكومي هو الذي يحدد واجبات الوزير، ولا سلطة لحزب على الدولة"، مستدركاً أن "الأحزاب الداخلة في تشكيلة مجلس النواب صوتت على المنهاج الحكومي وبات ذلك ملزما لها وعلى الحكومة، ولن تكون هناك إرادات تفرض على الوزير بالضد من إرادة البرلمان أو مجلس الوزراء".
وفي تعليق له بشأن الإعلام وحرية تنقله ونقله للأحداث في العاصمة بغداد، أكد عبد المهدي "أننا مع حرية الإعلام، وإن هذا الإعلام يعي مسؤوليته ويعرف حدوده وتحركاته، وسنعيد النظر وندقق في الإجراءات بما يضمن حرية الإعلام في نقل الأحداث ليطلع عليها الشعب العراقي، ونحن مع الحرية الملتزمة التي تأخذ بنظر الاعتبار الحالات الأمنية والاجتماعية". وبشأن الموقع السياحي في الحبانية وإعادة تأهيله، أكد عبد المهدي "نية الحكومة القيام بإعادة الروح لهذا المرفق الحيوي الراسخ في ذاكرة العراقيين، وندعو المستثمرين للقيام بواجبهم أيضاً في هذا الاتجاه"، منوهاً بأن الزيارة التي قام بها إلى المتحف العراقي "لتشجيع المواطن العراقي وإثارة اهتمامه لكل معالم بلادنا الترفيهية والمعرفية، كي يعود مجتمعنا إلى طبيعته ونخرج إلى الفضاء الرحب، والحبانية من بين اهتماماتنا في هذا المجال".
 
عراق الحضارة والتاريخ
من جانب آخر، أكد رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي خلال زيارته المتحف العراقي أمس أن العراق كان وسيبقى مركزا حضاريا وتاريخيا ويجب أن نستفيد من هذا الإرث الكبير لبناء حاضر العراق ومستقبله .
وتابع رئيس الوزراء: إن "المتحف العراقي مدرسة معرفية وإنسانية عظيمة توثق شتى الأنشطة والعلوم والفنون الانسانية والآثار من مختلف العصور القديمة التي تعود الى ماقبل الميلاد والحديثة والمعاصرة والاسلامية والتي لايوجد مثيل لها في كل متاحف العالم".
وكشف عبد المهدي، عن "قرب استعادة خمسة عشر ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة"، مشيرا الى "استعادة أعداد كبيرة من الآثار العراقية الأصيلة من الاردن في وقت سابق"، داعياً الى "لفت أنظار الرأي العام الى المتحف العراقي والتشجيع على زيارته والتعرف على محتواه الانساني والحضاري".
وتعرف رئيس الوزراء خلال الزيارة؛ على محتويات المتحف التي تعود لمراحل حضارية متعددة من تأريخ بلاد مابين النهرين، ورافق عبد المهدي في جولته في أجنحة المتحف وزير الثقافة عبدالأمير الحمداني وعدد من المديرين العامين والخبراء.
 
جلسة مجلس الوزراء
وعقد مجلس الوزراء جلسته الاعتيادية أمس الثلاثاء برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي، وأفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء تلقته "الصباح"، بأنمجلس الوزراءوافق على مشروع قانون الاستملاك العيني للأراضي والبساتين الواقعة ضمن التصميم الاساسي لمدينة بغداد والبلديات، والذي عرض مُجددا على مجلس الوزراء.
وناقش مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية العديد من القضايا وأصدر القرارات اللازمة بشأنها، إضافةً الى مشروع قانون الاستملاك وافق المجلس على مشروع قانون كلية القوة الجوية ومشروع قانون الكلية البحرية، كما وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون الهيئة الوطنية للرقابة النووية والاشعاعية والكيميائية والبايولوجية الذي عرض مجدداً على مجلس الوزراء، الى جانب الموافقة على مشروع قانون انضمام جمهورية العراق الى اتفاقية المنظمة الهيدروغرافية الدولية بصيغتها المعدّلة.