بغداد: هدى العزاوي
عانى العراق طيلة السنوات السابقة من عدم قدرة الحكومات المتعاقبة على ضبط الإنفاق بشقيه التشغيلي والاستثماري، والسيطرة على المصروفات في جميع أبواب الأنشطة التي تقرها الموازنة العامة للدولة، إلى أن الحكومة الحالية – وفق ما يرى مختصون – تمكنت من خلال سياساتها من ضبط المالية العامة للدولة عبر تنفيذ برامج الاتمتة والحوكمة الإلكترونية وكذلك التوجّه نحو موازنة البرامج والأداء وعدم الاكتفاء بموازنة البنود.
وقال مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، الدكتور مظهر محمد صالح، في حديث لـ"الصباح": أنه "في نطاق تنفيذ سياستها المالية شخّصت الحكومة الاتحادية أن بناء الموازنة العامة الاتحادية على مبدأ ما يسمى بموازنة البنود لوحدها، لا توفر الأساس الكافي لضبط التصرفات المالية والاطمئنان على المصروفات بشقيها التشغيلي والاستثماري من حيث الأداء والاستهداف الصحيح للنشاط المصروف عليه بشكل
كفؤ".
وبيّن، أنه "بهذا الشان فإن نطاق المسؤولية المالية اقتضى السير باتجاهين متوازيين لرفع كفاءة المالية العامة والانضباط المالي، أولهما: أتمتة أعمال المالية العامة في الإيرادات والمصروفات وإدخال الأنظمة الرقمية والركون إلى الحوكمة الإلكترونية عبر المضامين التي جاء بها البرنامج الحكومي، وثانيهما: ينصرف إلى توجيه الانفاق العام ولاسيما الإنفاق الاستثماري في تنفيذ المشاريع العامة صوب موازنة البرامج والأداء وبشكل تدريجي وممنهج، لضمان كفاءة التنفيذ وتقييم أداء المصروفات دون تعطيل أو تلكوء أو هدر في المال العام".
وأشار، إلى أن "هذا ما أخذت به السياسة المالية الراهنة من خلال اعتماد برامج للصرف توفر الرقابة والتقييم على النشاطات المتعددة الجوانب والتي تخص قطاعات وانشطة واسعة ويطلق عليها (البرامج الخاصة) حالياً، دون التخلي الضمني عن موازنة البنود التي ستكون جزءاً لا يتجزأ من موازنة البرامج أو البرامج الخاصة كمرحلة أولى".
وأكد صالح، أنه "بناءً على ما تقدم ، يجري حالياً تحديث النظام المالي في البلاد على منوال متعاقب بركنيه (الأتمتة المالية وتحديث المحاسبة الحكومية) وعلى وفق مبادئ الرقابة الرقمية، واعتماد مبادئ البرامج في تنفيذ وتسيير الموازنات العامة وبشكل تدريجي وممنهج في إطار سياسة الإصلاح الاقتصادي والمالي للبلاد".
من جانبه، قال الباحث في الشؤون المالية والتنمية الأكاديمي عقيل جبر علي المحمداوي، في حديث لـ"الصباح": إنه "لا يمكن تنفيذ إدارة وضبط التدفقات المالية العامة بكفاءة عالية دون تقييم وتحليل الوضع المالي، واستدامة المالية العامة على أسس ومنهجية مالية رصينة وعقلية مالية متخصصة جديدة بنماذج مالية أكثر دقة ورصانة تتجاوز مجالات الخلل الوظيفي والمؤسسي لقرارات وإجراءات المالية العامة، الأمر الذي سيزود الكيانات القانونية والمؤسسات الحكومية العامة بمعلومات موضوعية إضافية يمكن أن تؤثر بنحو إيجابي في جودة صنع واتخاذ القرارات الإدارية التي تتخذها الهيئات والمجالس والإدارات الحكومية".
وأضاف، أن "هذا الأمر يؤشر الحاجة الضرورية إلى إعداد منهجية مالية شاملة من خبراء في التخصص المحاسبي والمالي أكثر من خبراء الاقتصاد، بغية تطوير الإحصاءات والمؤشرات المالية والحسابات القومية والممارسات المالية والإشراف المصرفي والائتمان المالي والعقاري والتأمين المالي وغيره وفق مفاهيم، وتقديم تحليل مالي متخصص ومتقدم وأكثر دقة ورصانة، مع الأخذ بالحسبان الاختلافات في مجالات بناء وصياغة ووضع المعايير والمقاييس وفق نماذج قياسية كذلك الممارسات والتطبيقات المالية والموارد الإحصائية من مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية".
تحرير: محمد الأنصاري