بمناسبة ذكرى رحيله.. كاظم الگاطع المفعم بالقصيدة والوطن

ثقافة شعبية 2024/07/04
...

 سعد صاحب


قصائد الگاطع مرتبطة بالقضايا المصيرية للوطن، وبالتواريخ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحروب والحصارات، وهي مفعمة بالخيال والذكاء والافكار والذكريات والاحلام، وبما علق بالذاكرة من الاحداث المؤسفة، والخيانات والفقد والذنوب والثبات والصمود والتراجع.
 وكان الشاعر يريد التحرر من القيود، سواء في الحياة او عند الكتابة او بابداء الرأي المخالف، واثارة الاسئلة الجديدة، وكانت لديه القدرة على توليد الصور الشعرية الصادمة، غير التقليدية بمضمونها المفتوح على الكثير من الجوانب، الابداعية والانسانية والعشقية والروحية العميقة، ولانه كما وصفوه بالمبدع الاصيل، لا يرغب بالمسايرة الفجة والاذعان للقوالب السائدة.( ما مرتاح/ لان قفل المحبه انباگ/ وترهم عليه مفتاح/ متروك بجزيره وتيهت بالليل/ واجو ربعي عليه بقافلة اشباح/ وانته شبيك لمن دافعت عن نفسي صابك غيض/ مو حتى الگنافذ من تحس بالخوف/ تستخدم جلدها اسلاح ).

شغف
الگاطع واحد من شعراء الجيل الستيني المؤثرين، ولا احد ينكر ما قدمه للقصيدة الشعبية المعاصرة، وهو الذي فتح بابا واسعا للعوالم الشعرية الجديدة، احيانا تكون يائسة جدا الى حد الموت والتلاشي والاندثار، واحيانا تثير فينا الاقدام والقوة والشغف والتماسك والايمان، واحيانا من شدة الحرمان والظلم والجو والاستعباد، نشعر بالوجود دائرة سوداء مغلقة من كل الجهات، واذا كان رائق المزاج يسحرنا لفترة قصيرة، ويتحفنا بالغزل والعاطفة والحب  والاحاسيس المبهجة.( انته من دگيت بابي/ جبت وياك الحزن خطار ماين/ والفرح طلعته بره/ وانه من شگيت زيجي احترگت ايدي/ وانته من شگيت زيجك شفنه گمره/ وچان عمري نهر غافي ومايه صافي/ وخنجرك مثل البلم بالليل طره ).

شجاعة
هو لم يخترع بحرا شعريا جديدا، ولا سلما موسيقيا مختلفا عن باقي الاوزان، وكل ما فعله كتابة الاشعار، عن ما حدث بعصره من امور بطريقة مبتكرة، جعلت الناس تتمسك بالاخلاق والفضيلة والوفاء والشجاعة، والدفاع عمَّا تؤمن به باسلوب فاضل، ورغم كمية الالم المضاعفة الموجودة في تلك القصائد، فانها كانت تريحنا وتزيح الهم المتراكم فوق الصدور، وتقطف لنا تفاحة حمراء يانعة من حديقة قريبة.( ون سكون الليل ياخذ صوتك الياحد تريده/ وانته تحت الماي/ جرفين النهر شفة مغني/ تاخذ معاتب توالي الليل للنجمه البعيده/ الك كل الليل شارع/ وانته حدر الاه/ لو چان الجرح صياد/ شاور شبچته ولفهه اعلى ايده ).

كوابيس
كتابات مزعجة للروح الطرية الناعسة، ومتعبة للذهن والعقل والقلب والحواس، لكنها لا تخلو من المتعة المطلوبة والاثارة العارمة، وهذه الاجواء الكئيبة، مزدحمة بالخوف والشك والحيرة والالتباس والهلوسات والجنون، وسماع الاصوات المريبة والحديث مع الاموات والكوابيس المرعبة، وحوار الشخص لذاته المنشطرة الى اكثر من ذات، وشعور الانسان بالسقوط في حفرة كبيرة، تكثر فيها الديدان والاشباح والحيوانات المفترسة.( وين صبح/ مدري والله بليل مظلم فارگيته/ وين مسه/ من طلع ماسد وراه الباب/ لكن بالدرب هم بمشيته/  دوره گتلك ما لگيته/ شوف گلبك/ چان گبل سنين بيته ).

قلائد
لم يعرف الگاطع بقصيدة واحدة، بل صاغ العشرات من القلائد، المضيئة على جيد الزمن، وكتب (شمس بالليل) و (نعش النهر ) و (للعيد ابو هلالين) و العديد من الصور الشعرية الجامحة بخيالها المجنون، وهو شاعر بجدارة، في كل انجاز جديد يتجاوز ذاته ويتخطى السابق، وحتى بعد الممات ظل مستمرا بالعطاء، لكون نتاجاته الادبية تحضى بالمتابعة والقبول والرضا والاستحسان، من قبل الجمهور والنقاد والشعراء والغواة.
(گبل ساعه 12 تطفه المواويل/ وتجي طيور المدينه تحط على العين/ تدور عن گلب يوسع للطيور/ ويدور عن رصيف يلم بجي اثنين ).