بغداد: سرور العلي
تبدو حوراء رعد (26 عاماً)، مستمتعة وهي تمسك بالسيجارة الإلكترونية، التي ابتاعتها منذ وقت قريب من أحد المولات التجارية، في حين تظهر والدتها التذمر من سلوكها هذا، إذ تضطر لرمي تلك السجائر في كل مرة تراها بيدها، إلا أن رعد تصر على تجربة أنواع جديدة تعرض في المتاجر، بتشجيع من صديقاتها، من دون التفكير بالعواقب والأضرار الصحية اللاحقة. ويأخذ التدخين اليوم مع التطور الحاصل أشكالا مختلفة، كالسيجارة الإلكترونية وأقلام التدخين، و{الفيب»، التي تطلق بعض المواد السامة في الجسم، وهناك أنواع أخرى ومنها الإلكترونية القابلة لإعادة الشحن، وذات الاستعمال لمرة واحدة وبدون نيكوتين، والسجائر الإلكترونية بنكهات متعددة.
وترى الطالبة الجامعية فاطمة حسن أن السجائر الإلكترونية أفضل من أنواع التدخين الأخرى، فلا تتسبب ببقع صفراء على الأسنان، ولا تترك رائحة كريهة في الفم، إضافة إلى أنها أكثر حداثة وتطوراً ومناسبة للفتاة، وتحتوي على العديد من الأطعمة غير الثقيلة، فقد تكون بطعم الفاكهة.
وتخالفها الرأي زميلتها هبة محمد، إذ لفتت إلى أن تلك الوسائل تنتشر اليوم بسرعة هائلة ومريبة، وعواقبها وخيمة قد تنتج من استخدامها على المدى الطويل، لا سيما الإدمان على التدخين من قبل الفتيات، فتسبب بالنهاية الفشل الرئوي، والسعال، وضيق التنفس، ومشكلات أثناء الحمل والإنجاب.
مضيفة «على الأسرة أن تناقش بناتها بشأن تلك الظاهرة، وتنصحهن بالابتعاد عن التدخين، كونه يشكل خطراً على صحتهن، وله آثار لاحقة عليهن، ومعالجة المشكلة من دون غضب وتذمر، إذ إن هذا الأسلوب يمكن أن يدفعهن للقيام بأنشطة أخرى تهدد
حياتهن».
د.مروج مظهر عباس، المختصة الاجتماعية أوضحت: «ترتبط ظاهرة تدخين البنات بصورة عامة بأضرار اقتصادية واجتماعية وثقافية وصحية، لا سيما إذا تم بشكل علني وبأنواع التدخين المختلفة مثل، الأركيلة والفيب، وهي تنافي القيم والعادات التي تربينا عليها، نتيجة التقليد والتأثر بأقران السوء، فضلاً عن اعتقاد الكثير من الأسر أن ذلك مرتبط بالتحرر والتطور، إذ شهدت المجتمعات النامية والمتقدمة هذه الظاهرة السلبية، كما أن
للشركات دوراً في ترويج أنواع من التدخين الخاص بالنساء، لذلك تعتقد معظم الفتيات بأن التدخين يضيف لهن جمالاً وأناقة وجاذبية، لكن الحقيقة عكس ذلك لما يحدثه من أضرار على البشرة، والجلد، وتغير لون الأسنان، وتبديل نبرة الصوت وحساسية العين وغيرها من المساوئ، والتي تتنافى مع مظهرها وأنوثتها، إضافة إلى أنه كشفت الكثير من الدراسات أن تدخين المرأة أخطر من تدخين الرجل، لأن النساء أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من الرجال، وبالتأكيد هذا الانتشار الخطير للتدخين بين الفتيات يثير قلق المنظمات المعنية بالصحة والسلامة، ونظراً لخطورة الظاهرة لا بد أن يكون للأسرة دور الرقيب والحسيب، لمنع أولادها فتياناً وفتيات من التدخين حفاظاً على
صحتهم».
الطبيب النفسي د. خلدون إقبال بين: «ازداد انتشار السجائر بشكل كبير بين الفتيات، لا سيما الإلكترونية، إذ يجدنها بديلاً مناسباً عن التقليدية وأقل ضرراً عليهن، ولا تطلق
السموم والدخان، وتحتوي على نسبة قليلة من النيكوتين، كما أسهمت الإعلانات والترويج باستقطاب عدد كبير منهن وجذبهن لها، من خلال تقديم أنواع ونكهات متعددة، ومع كل تلك الميزات إلا أنها تسبب العديد من الأمراض ومشكلات في الأوعية الدموية، والجهاز التنفسي
وتضرر الرئة، والإصابة بأمراض القلب، كما أنها تؤثر في الحمل، إذ يعمل النيكوتين على تقليل وصول الدم للجنين، ونقص وزنه والولادة المبكرة، ويعمل على الحد من تطور الجهاز العصبي للطفل، وتزداد التشوهات الخلقية والمعاناة الصحية، لذلك من الضروري الابتعاد عن تلك الظاهرة، والتفكير بوعي قبل الإقدام
على أي خطوة، قد تنتج عنها أضرار بالغة بصحتنا».