فلسطين وخيارات المرحلة الحاسمة

آراء 2024/07/21
...

 خالد حميد صبري


يستمر الكيان الصهيوني بالضغط الرهيب على الفلسطينيين في غزة، وحرب الإبادة لم تتوقف. 

وفي الوقت نفسه تستمر المفاوضات بشأن المحتجزين الصهاينة، التصريحات الإعلامية من الطرفين، ومن الوسطاء أيضاً، تقول إن الاتفاق جاهز للتوقيع.

الوحيد الذي لا يزال يعرقل هذا الاتفاق هو رئيس وزراء حكومة الكيان.

نتنياهو اليميني المتطرف لا يريد لهذه الحرب أن تتوقف، لأن ذلك سينهي حياته السياسية. فضلا عن أنه يراهن على زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي سيلقي من خلالها كلمة في الكونغرس، وكما هو معروف فإن الكونغرس لا يوجه دعوة لشخصية أجنبية، إلا إذا أراد الاحتفاء بهذه الشخصية، وتقديم الدعم الكبير لها، وهذا يعني أن مجرد وقوفه في الكونغرس سيكون طوق نجاة لوضعه السياسي، فضلا عما سيحصل عليه من دعم عسكري من البيت الأبيض. 

وفي العموم إن لم تُحسم الصفقة قبل زيارة نتنياهو إلى واشنطن، فإن الأمور ستتجه إلى التصعيد أكثر وأكثر، وربما ستكون المرحلة المقبلة هي الأعنف منذ بداية الحرب. 

يعزز هذا الاحتمال الخطوة الاستفزازية التي قام بها الكنيست مؤخراً بعد أن صوّت بالإجماع على إلغاء حل الدولتين، وعدم الاعتراف بأي دولة لفلسطين.

ما يمكن أن يغير مسار هذه الأحداث هو القرارات الجريئة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، التي اعتبرت احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بعد عام 1967 غير قانوني، وطالبت   حكومة الكيان بإنهاء أي تدابير تسبب تغييرا ديموغرافيا أو جغرافيا بالأراضي المحتلة بما في ذلك الاستيطان، فضلا عن ضرورة الانسحاب من مدينة رفح وفتح المعبر أمام المساعدات.

موقف حكومة الكيان كان، كما هو متوقع، رفضاً وتشكيكاً واتهاماً للمحكمة، إذ وصفت قرارها بأنه (كاذب ومشوّه للحقائق التاريخية). قرارات محكمة العدل ملزمة، ولو أنها صدرت ضدّ أي دولة في العالم لفرضت عليها بالقوة، ولتحركت جيوش العالم وأساطيله لإنفاذ هذه القرارات، لكن ابنة أميركا المدللة لا تعترف بها، ولا بالمحكة نفسها، ولا بمجلس الأمن، ولا بالأمم المتحدة (وقد شاهدنا ممثلها كيف يمزق ميثاقها أمام الملأ)، كل ذلك لأن أميركا وراءها وبريطانيا على يمينها وفرنسا على شمالها.

وازاء كل هذا التوحش الذي يمارسه جيش الاحتلال وسط صمت عالميّ عجيب، ودعم غربيّ رهيب، ليس أمام الفلسطينيين إذن إلا التشبث بأرضهم، وإعطاؤها المزيد من الدم، والاستمرار في نضالهم من أجل الحرية، فهذا قدر كُتب عليهم وسط عالم مليء بالخذلان.