ثورة للإنسانيَّة جمعاء

آراء 2024/07/22
...

محمد صادق جراد

جاءت الثورة الحسينية بأهدافها الخالدة ومنهجها الإنساني، من أجل تحرير الانسان من الظلم وحثه على مقارعة الفاسدين، فكانت بذلك نبراسا للثائرين والمطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية. وإن النداء الخالد للامام الحسين عليه السلام ( ألا من ناصر ينصرنا) لم يكن لزمان معين أو لفئة معينة، بل كان مطلقا لكل من يريد الاصلاح والوقوف بوجه الظلم فإن نصرة الحق ومقاومة الظالمين في كل زمان هي نصرة للحسين عليه السلام ورسالته الانسانية، التي لامست ضمير الانسان في كل بقاع العالم.
وبهذا أصبحت الثورة الحسينية بمحتواها الفكري والاخلاقي ثورة إلهية وانسانية لتحرير الانسان وتصحيح المسار، من أجل معالجة الانحرافات والظلم والاضطهاد، الذي تمارسه السلطة ضد الانسان بغض النظر عن انتمائه الفكري والعقائدي والديني.
ومن هنا يمكننا القول بأن الثورة الحسيني بمنظومتها الانسانية كانت وما زالت ذات تأثير كبير على الضمير الانساني،وهي تحمل بعدا إنسانيا في تأثيرها على المتلقي، من خلال الدروس والعبر والرسائل، التي أطلقها أبطال هذه الثورة عبر مواقف التضحية والفداء، التي قاموا بها.. ويمكننا أن نضرب مثلا بهذا التأثير الإنساني في الكثير من الأقوال، التي أطلقتها شخصيات عالمية وانسانية، حيث قال المستشرق الألماني ماربين بحق الامام الحسين ما يأتي «((قدم الحسين للعالم درسا في التضحية والفداء، من خلال التضحية بأعز الناس لديه ومن خلال إثبات مظلوميته وأحقيته، وأدخل الإسلام والمسلمين إلى سجل التاريخ ورفع صيتهما. لقد أثبت هذا الجندي الباسل في العالم الإسلامي لجميع البشر أن الظلم والجور لا دوام له. وإن صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً في الظاهر، إلا أنه لا يعدو أن يكون أمام الحقيقة الا كريشة في مهب
الريح.)»
ختاما نقول بأن ما قام به الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه في محرم الحرام كانت رسالة للاجيال، ولم يكن مرتبطا باللحظة التي قامت فيها الثورة، بل نجحوا في جعلها ثورة مستمرة ومستقبلية الهدف، منها منح الأجيال جرعات ثورية ضد الفساد وضد الباطل، ومن هنا لا يمكن قياس هذه الثورة بمقاييس النصر والهزيمة، لأنها لم تستهدف اللحظة الراهنة، بل هي صيحة تهز عروش الظالمين على مدى العصور.