أضخم متحف للعظام البشريَّة في العالم

بانوراما 2024/07/23
...

 باريس: غيث طلال 

سراديب الموتى وعظام ملايين البشر في انفاق باريس، لماذا سراديب الموتى في باريس الممتلئة بالعظام البشرية، تعدُّ اليوم أحد الأماكن السياحية في باريس، وهي من اكثر المدن رقيا وتطورا، ولكن هذا لا يمنع وجود زوايا أخرى في المدينة، التي تعرف بمدينة الأنوار، وأكثرها شهرة هي مدينة الموتى.

وهي أنفاق تضم عظاما أكثر من ستة ملايين باريسي، جمعت على مدى عقود ما بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من جميع مقابر المدينة المخصصة لدفن  الفقراء، وتعدُّ اليوم احد الأماكن السياحية في المدينة، كما يلجأ اليها بعض غريبي الاطوار بطريقة غير مشروعة، لإقامة حفلات صاخبة بعيدا عن أنظار السلطات.


سراديب الموتى

سراديب الموتى او كتاكومب، هي  تلك الشبكة الطويلة من الانفاق تحت مدينة باريس، والتي يرغب البعض بتسميتها مدينة باريس تحت الأرضية، والتي تضم عظام الباريسيين، الذين عاشوا على مدى اكثر من ستة آلاف عام في المدينة، وغالبيتهم إن لم يكونوا كلهم من الفقراء، الذين دفنوا في عدة مقابر جماعية حول المدينة، وكان أشهرها وأحدثها مقبرة القديسين الأبرياء، والتي غصت بمئات الآلاف من الجثث والهياكل العظمية المكدسة فوق بعضها، وخاصة مع البوادر الأولى للثورة الفرنسية، وما رافقها من فوضى وعنف كثرت معه الجثث، وأصبحت المقابر الجماعية التي كدست فيها مجموعات تضم عشرات الجثث  في كل حفرة، وهو ما أدى الى ظهور الحاجة الى حل غير تقليدي. 


تاريخ السراديب

لم يكن الهدف من انشاء الانفاق تحت مدينة باريس هو تحويلها الى مقابر جماعية لعظام ملايين البشر، بل كانت عبارة عن مناجم للحجر الكلسي، ويعود تاريخ انشاء هذه المناجم الى ثمانينيات القرن الثاني عشر أي بعد 1180 ميلادية، حيث ظهرت الحاجة الماسة الى إيجاد مقالع حجر إضافية لاستخراج الحجر الكلسي اللازم لتشييد القصور والقلاع، ولم يكن ذلك ممكنا في ظل توسع المدينة وامتدادها فوق الأراضي، التي كان يفترض انها ستصبح مقالع جديدة للحجر، ولذلك تم اعتماد طريقة جديدة، وهي عمل مناجم للحجر شبيهة بمناجم الفحم،  حيث تم الحفر الى أعماق وصلت 20 مترا، ومن ثم تم التوسع وعمل شبكات انفاق تحت الأرض، لاستخراج أكبر كمية ممكنة من الحجر، استمر العمل في انفاق الحجر لما يقارب من ستمئة سنة، وهو ما شكل قنبلة موقوتة تحت باريس كانت تنذر بكارثة، حيث حدثت مجموعة من الحوادث الصعبة، التي كانت مجرد مقدمات لكارثة اكبر، فقد انهارت بعض المقاطع من هذه الأنفاق، وتسببت بخسائر مادية جسمية، لكن تلك الخسائر لم تكن لتذكر لو أن العمل في الانفاق استمر، وهو ما كان سيتسبب بانهيار مساحات شاسعة من باريس، والى تدمير معالم تاريخية مهمة في المدينة، وبالطبع قتل عشرات الآلاف من المواطنين ممن يسكنون المدينة، ولذا اتخذ قرار بحظر العمل في هذه الانفاق واغلاقها تماما وذلك عام 1777، كما تم ردم الأجزاء التي تشكل خطورة على المناطق الحيوية من المدينة.


السياحة في السراديب 

تعتبر سراديب الموتى اليوم واحدة من المعالم السياحية في باريس، وبالتأكيد لن تكون يوما بشهرة المعالم السياحية العالمية في المدينة، مثل برج ايفل ولن يقارب عدد زوارها عدد زواره، فأعداد الزائرين لهذه السراديب، لا تتعدى بضعة آلاف شهريا، وحتى يصل السائح الى سراديب الموتى، يجب عليه أن ينزل مسافة 20 مترا تحت الأرض، ثم يسير داخل مجموعة من السراديب الضيقة والمغطاة كليا بالجماجم والعظام، ولضمان سلامة السياح، يتم تطبيق أعلى  معايير السلامة والأمان  ولا يسمح دخول اعداد كبيرة دفعة واحدة، وهذا يفسر الاعداد القليلة لزوار هذه السراديب.