فرنسا: الصباح
ذكرى اقتحام سجن الباستيل في عام 1789، وهو الحدث، الذي يعدُّ نقطة انطلاق الثورة الفرنسية. في 14 تموز 1789، وهو التاريخ الذي اقتحم فيه الثوار الفرنسيون سجن الباستيل في باريس. وكان الباستيل حينها يمثل رمزًا للسلطة الملكية والقمع، وكان اقتحامه علامة فارقة في بداية الثورة الفرنسية.
لم يكن اقتحام الباستيل ذا أهمية عسكرية كبيرة، حيث كان السجن يضم عددا قليلا من السجناء، ولكن أهميته تكمن في رمزيته كخطوة ضد الطغيان الملكي وبدء الحركة الشعبية نحو الحرية والديمقراطية.
يحتفى بذكرى عيد الباستيل في الرابع عشر من تموز من كل عام، حيث تقام العروض العسكرية الضخمة التي تحضرها شخصيات رسمية ودبلوماسية ونخبوية، وتعد هذه العروض واحدة من أقدم وأكبر العروض العسكرية في العالم. ويتم إطلاق الألعاب النارية بالقرب من الاماكن المشهورة، لتضيء وتزين سماء المدن الفرنسية.
يحكى أن مصر قدمت في 29 تشرين الثاني عام 1830 هدية من نوع
خاص إلى فرنسا، تعبيرا عن حسن التفاهم ودفء العلاقات بين البلدين، إذ أهدى محمد علي باشا حاكم مصر آنذاك، مسلة الأقصر لملك فرنسا لوي فيليب الأول. ولا تزال تلك الهدية، التي جاءت تكريما لجهود العالم الفرنسي جان- فرانسوان شامبليون في معرفة أسرار الكتابة المصرية القديمة،
تزين ميدان الكونكورد في باريس حتى الآن.
وتعد مسلة الأقصر أقدم أثر تاريخي على أرض فرنسا يشهد على حضارة البلد العربي، بعدما نقلت من مكانها في مدينة الأقصر ووضعت في ميدان الكونكورد خلال القرن التاسع عشر، فأصبحت شاهدة على كثير من الصراعات والأحداث السياسية والوطنية للجمهورية الفرنسية، التي تعود المسلة إلى عصر الملك رعمسيس الثاني، أشهر ملوك الأسرة 19 بحسب تقسيم تاريخ مصر القديم، الذي أمر ببناء مسلتين أمام معبد الأقصر، تخليدا لانتصاراته في حملات عسكرية حمت أرض مصر من اعتداءات أجنبية واستباحة
ممتلكاتها.
واختلف علماء تاريخ مصر القديم في تحديد الدلالة الدينية لبناء المسلة الحجرية ذات الأضلاع الأربعة والقمة الهرمية، والتي تقام فوق قاعدة يُسجل عليها نص تذكاري للملك والإله، الذي كُرست من أجله. واتفق البعض على أنها ترمز لهبوط أشعة الشمس من السماء ممثلة في شكل الهُريم، في حين يرى آخرون أن الهُريم يلعب نفس دور الهرم كرمز «للتل الأزلي»، الذي بدأت عليه عملية خلق الكون، بحسب العقيدة الدينية في مصر القديمة.
ويمثل عيد الباستيل بالنسبة للفرنسيين يومًا لوحدتهم، حيث يحتفلون بفخرهم الوطني وتاريخهم المشترك، الذي يجسد القيم الثلاث لثورتهم المتمثلة بالحرية، والمساواة، والأخوة، ويعزز هذه المبادئ في الوعي الوطني. فعيد الباستيل هو مناسبة للاحتفال بالتراث الفرنسي والتذكير بالتحولات التاريخية، التي شكلت على اثرها فرنسا الحديثة، فهو ليس يومًا للاحتفال بذكرى اقتحام سجن الباستيل وبداية الثورة الفرنسية فقط، بل هو مناسبة تتزامن مع العديد من الأحداث والأنشطة المتنوعة التي تعكس الثقافة والتقاليد الفرنسية.