بغداد: حيدر فليح الربيعي
ضاعفت مختلف الجهات الحكومية، تحركاتها الهادفة للسيطرة على أسعار العقارات، بعد أن شهدت ارتفاعات غير مسبوقة في بغداد والمحافظات، ففيما أعلن وزير الإعمار والإسكان، عن قبول جميع معاملات القروض المقدمة لصندوق الإسكان، كشف المصرف العقاري عن رفع رأس ماله إلى 500 مليار، وتأجيل استيفاء الفوائد لمدة خمس سنوات، وهي الخطوات الي لاقت ترحيب عدد من المختصين بالشأن الاقتصادي، مؤكدين أن تلك الإجراءات من شأنها كبح جماح أسعار العقارات التي التهبت في مختلف مدن العراق، وحجَّمت من قدرات متوسطي الدخل على اقتناء وحدة سكنية.
وسبقت "الخطوات المالية" الهادفة إلى توفير السيولة للراغبين ببناء أو اقتناء وحدات سكنية، خطوات كشفت عنها وزارة الإعمار والإسكان في وقت سابق، تتعلق بخطة لخفض أسعار الوحدات السكنية، تتضمن التوجه لإنشاء 7 مدن سكنية للاستثمار خلال المدة المقبلة، في حين جدد مختصون في الشأن الاقتصادي، دعواتهم لضرورة إشراك الحكومة في المشاريع الإسكانية، وإدخال القطاع العام كشريك أساسي في بناء تلك المجمعات بهدف تقليل نسب الفائدة على المواطنين.
وقال مدير المصرف العقاري عباس الجواهري خلال تصريح أدلى به لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "المصرف العقاري رفع رأس ماله بمقدار 500 مليار دينار بعد أن كان 50 مليار دينار"، مبيناً أن "ذلك سيرفع من نشاط المصرف في تمويل المشاريع الاستثمارية وإقراض المواطنين لشراء وحدات سكنية"مشيراً في الوقت ذاته،إلى أن "مبادرة البنك المركزي الجديدة تتضمن تأجيل الاستقطاعات لمدة 5 سنوات للقروض والذي يتيح الحرية في تدوير الأموال" .
وتمثل تلك التوجهات الحكومية، وفقاً للخبيرة في مجال الإسكان، الدكتورة إكرام عبدالعزيز، خطوات مهمة من شأنها الحد من ارتفاع أسعار العقارات وتحريك عجلة القطاع الخاص وتعزيز معدلات التنمية.
وقالت عبدالعزيز في تصريح لـ"الصباح": إن "أزمة السكن تعد من الأزمات المتجذِّرة وليست الوليدة ويعاني منها العراق منذ عقود، لكن التوجه الحالي يعد مهماً وبنّاءً، إذ إن التوسع بعمليات منح القروض لبناء أو شراء وحدات سكنية، أو منح قروض للمستثمرين يعدُّ أمراً إيجابياً سيؤدي إلى وضع حد لتنامي أسعار العقارات في بغداد والمحافظات، مبينة أن القروض الفردية مهمة للحد من أزمة السكن وتقليص فجوتها.
وأوضحت عبدالعزيز، أن "التوجه الحكومي الحالي له دور إيجابي وبنّاء يتمثل في تحريك الدورة الاقتصادية، إذ إن إدخال تلك الأموال يمكن أن يخلق تشابكات قطاعية، ويؤدي إلى تفعيل العديد من الحرف وينعش أسواق البناء، لذا فإن ذلك التوجه سوف لن يقضي على أزمة السكن فحسب، بل سيؤدي إلى تحريك قرابة 50 حرفة. وأبدت الخبيرة، استغرابها من الارتفاعات الكبيرة لأسعار العقارات في البلاد، والتي أدت إلى صعوبة حصول الأفراد متوسطي الدخل على وحدة سكنية جرَّاء التزايد المستمر للأسعار، مؤكدة أن مضاعفة الحكومة لجهودها في منح القروض، تمثل نقطة أساسية نحو الحد من تلك الارتفاعات وتعزز ثقة المواطن بتلك الجهود الرسمية، مشيرة إلى أن زيادة رأس مال المصرف العقاري وقبول طلبات صندوق الإسكان، وغيرها من التحركات الحكومية، ستكون عنصراً أساسياً لخفض أسعار العقارات في البلاد، وتفعيل دور القطاع الخاص، وإن تلك التوجهات جزء من المنهاج الحكومي الذي نصَّ على تعزيز دور هذا القطاع وجعله شريكاً في صنع القرار الاقتصادي وبما يؤدي إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي.
وترى عبدالعزيز، أن للتحركات الحكومية الهادفة إلى القضاء على أزمة السكن، إيجابيات عدّة غير عملية توفير المنازل، تتمثل في تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة وإنعاش الصناعات المحلية، مشددة على ضرورة إحكام إدارة التمويل بما يتَّسق مع عدم تعثُّر عمليات السداد بهدف استمرار التمويل.
وفي وقت سابق، أبدى الخبير الاقتصادي، مناف الصائغ في تصريح لـ"الصباح" استغرابه من وضع المصارف شروطاً وصفها بـ"التعجيزية" أمام مساعي الحصول على قروض الإسكان، وبدلاً من أن يضعوا تحوطاً حقيقياً لاستعادة أموالهم يقومون بفرض فوائد "كارثية" على تلك القروض، داعياً إلى تخفيف حدة شروط الحصول على القرض وتقليل نسبة الفائدة بهدف تحقيق أعلى نسب نجاح ممكنة.