بغداد: محمد الأنصاري
شكّلت أزمة السكن في البلاد والسعي لحلّها أو وضع حلول مبتكرة لإنهائها، هدفاً حيوياً ستراتيجياً لحكومة محمد شياع السوداني، وكغيرها من المشكلات والأزمات المتراكمة منذ عقود؛ لم تضع الحكومة الحالية حلولاً (تكتيكية) أو (آنية) يجري الترويج لها في مواسم الانتخابات وتنتهي بانتهائها من قبيل توزيع قطع أراضٍ (غير مخدومة) تتقاذف أسيجتها الرياح، بل أن السوداني وضع خطة لحلول مبتكرة تسهم على المديات المتوسطة والبعيدة في تفكيك الأزمة ومن ثم تنفيذ بدائل سكن لائقة بالعراقيين يجري إنجازها عبر مطورين عقاريين من ذوي الخبرة بإنشاء المدن، وبشروط حددتها الدولة لتكون بأسعار معقولة وقسم منها يكون على شكل قطع أراضٍ (مخدومة بالكامل) تقدم لذوي الدخل المحدود والطبقات الفقيرة، ولهذا الغرض تم إطلاق (هيئة تنفيذ المدن الجديدة) التابعة لوزارة الإسكان والإعمار والبلديات والأشغال العامة التي يقودها الوزير بنكين ريكاني بكل تفانٍ وعزم وقوة.
هيئة تنفيذ المدن الجديدة التي جرى تأسيسها بموجب كتاب مكتب رئيس الوزراء في 26 كانون الأول من العام 2022، انطلقت بشكل فعلي بعد هذا التاريخ بفترة، استناداً إلى ما تعهد به رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أمام الشعب العراقي بشأن معالجة مُشكلة السكن والتخفيف من حدتها، وتنفيذاً لما جاء في المنهاج الوزاري للحكومة، ولغرض تحقيق أحد الأهداف الستراتيجية في البرنامج الحكومي، وتوفير قطع أراضٍ سكنية للمواطنين.
ووفق المخطط له، أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في كانون الثاني 2023 عن إطلاق العمل في مشروع مدينة الجواهري السكنية الجديدة، في قضاء أبو غريب، غرب العاصمة بغداد، أحد مشاريع المدن الجديدة الخمس، التي تم الإعلان عنها ضمن ستراتيجية الحكومة لمعالجة أزمة السكن، وتخفيف الاكتظاظ عن مراكز المدن الكبرى.
وقال السوداني في كلمة له على هامش الحفل، : إن الحكومة شخصت، منذ بداية مهامها، الخلل في أزمة السكن، وأعدت خططاً مدروسة لمعالجتها، انطوت على تشييد مدن سكنية متكاملة، وليست مجمعات، واختيار مواقع لها على أطراف بغداد والمحافظات، بعيداً عن مناطق الاكتظاظ.
وبين، أنّ الحكومة أعلنت عن 5 مدن سكنية كمرحلة أولى، تُشيد في العاصمة بغداد وبابل وكربلاء ونينوى والأنبار، ولاحقاً سيتم الإعلان عن 10 مدن سكنية جديدة في محافظات أخرى، مؤكداً أنه سيكون هناك التزام بأسعار الوحدات السكنية لتبقى ثابتة. كما أشار السوداني إلى أن مشروع مدينة الجواهري الجديدة سيتضمن، ولأول مرة، 25 بالمئة من الأراضي المخدومة ستوزعها الحكومة بين المواطنين وفق آليات سيتم اعتمادها.
وتبلغ المساحة الكلية لمشروع مدينة الجواهري الجديدة 7121 دونماً، وتشتمل على 30 ألف وحدة سكنية متنوعة، و 10 آلاف قطعة أرض سكنية مخدومة، وجامعات ومراكز تجارية، ونحو 70 مدرسة، وستحظى بجميع المرافق الخدمية الأخرى ومراكز النشاط الحضري، في إطار تصميم مدينة ذكية تراعي معايير البيئة والحداثة وتقديم الخدمات بالنظم الإلكترونية.
كما رعى السوداني في وقت لاحق التوقيع على عقد أكبر مدينة سكنية في العراق هي مدينة "علي الوردي" والتي تقع في مدينة النهروان شرق العاصمة بغداد. وجرى التوقيع عن الجانب العراقي بنكين ريكاني وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة وبين شركة (ORA) للتطوير العقاري نجيب ساويرس رئيس مجلس إدارة الشركة. ويمتد مشروع المدينة الجديدة التي تحمل اسم عالم الاجتماع والمفكر العراقي الراحل الدكتور علي الوردي، وبمساحة 24517 دونماً وبعدد وحدات سكنية بحدود 120 ألف وحدة سكنية. المدينة الجديدة ستكون مستدامة وصديقة للبيئة وتحتوي على مبانٍ جامعية ومجمعات طبية وتجارية وكذلك مرافق رياضية وترفيهية. المشروع يعد الأكبر من بين مشاريع المدن الخمس السكنية الجديدة في مرحلتها الأولى، التي منحها البرنامج الحكومي أولوية التنفيذ.
رئيس الوزراء، أكد أن البيئة الاستثمارية في العراق باتت مهيأة وجاذبة بشكل فعال، وأن ستراتيجية حلول أزمة السكن التي تتبعها الحكومة تتضمن تهيئة مدن سكنية بالبنى التحتية، وتتوافر على الآلاف من الوحدات السكنية المختلفة، بما يناسب فئات المواطنين المتنوعة، كما تعمل على تقليل الضغط السكاني عن مدينة بغداد.
بدوره، كشف وزير الإعمار والإسكان بنكين ريكاني، في وقت سابق، عن إنجاز تصاميم أكثر من 20 مدينة سكنية جديدة، وأن محافظة بغداد لوحدها ستشهد بناء 3 مدن
مستحدثة .
وأكد ريكاني، أن "البلد شهد تشتتاً في السياسات المتبعة بقطاع الإسكان، مع حصول عجز سكاني متراكم في البلد، وتعرض الرصيد السكاني الحالي لنوع من التهالك بسبب البنى التحتية"، مبيناً أن "عدد السكان تضاعف من 2003 ولغاية اليوم، كما تجاوز عدد الساكنين في المناطق الحضرية عن الريفية بنسبة 70 بالمئة، وهذا أدى إلى الضغط على المدن وبروز العشوائيات وهي ظاهرة غير حضارية".
وقال وزير الإعمار والإسكان، بنكين ريكاني،: إن "مشروع قانون معالجة العشوائيات سيخفف بشكل كبير من مشكلة العشوائيات في حال تم إقراره بمجلس النواب"، لافتاً إلى أن "ما تم بناؤه منذ 2003 إلى الآن بتمويل حكومي لا يتجاوز الـ7 آلاف وحدة سكنية". وتابع: "بدأنا بسياسة المدن الجديدة، وأنجزنا التصاميم وجميع المتعلقات لأكثر من 20 موقعاً سيتم اختيارها
كمدن جديدة".