نحتاج نحن البشر بين الفترة والأخرى، إلى إعادة النظر بخطوط سيرنا الحياتي، وإصلاح الأخطاء التي وقعنا فيها، وهو ما يتطلب وجود الرغبة لدينا في معالجتها، تلك التي تنبع عادة من توفر الأوقات الإيجابية، فضلاً عن القدرة والإرادة على
التغيير.
الإنسان مجموعة مكونات نفسية وديناميكية، وبحكم الطبيعة البشرية فهو معرض إلى الخفوت والتراجع في أدائه الحياتي، بسبب تراكم الانتكاسات والاخطاء والهفوات، التي تعترض حياته الشخصية والعملية والاجتماعية، لذلك لابدّ أن يكون متيقظاً لكل البوادر التي تتيح له إصلاح الخطأ الذي وقع فيه، واستغلال الظروف التي يمكن أن تعينه على تصحيح مسار حياته، وتضييق دائرة أخطائه، وتحصين نفسه تجنباً لوقوعه فيها في المستقبل
، وهو ما يتأتى من علمه ومعرفته وتجديد معلوماته
، فضلاً عن تقبل فكرة الاعتراف بالخطأ لأنه الطريق الأسلم لإصلاحه
، فالتكبر والثقة العمياء بأننا لا نخطئ يقفان عائقاً أمام نجاحنا، ويبعدان الآخرين عنا، ويدفعاننا مجدداً إلى الوقوع في حفر الفشل وضياع الوقت دون فائدة
ترجى.
يرى البعض أن ارتكاب الخطأ كارثة، تدخله في بوتقة من التراجع والانكسار، ولكن لماذا لا ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى، ونعتبره فرصة للتعلم
، فنحسن أداءنا في المرات القادمة، ألم يقل أحد الحكماء يوماً: “إننا نتعلم من أخطاء الماضي أكثر من نجاحات
الحاضر”.
لا يكفي الاعتراف بالخطأ، فهو “ليس فضيلة” كما تعودنا أن نردد دائماً في مجتمعاتنا العربية
، الفضيلة هي إصلاحه وتجنبه والاستفادة منه، ولكن كيف يمكن أن تتولد لدينا الرغبة في إصلاح ما وقعنا به من أخطاء، وقد اعتدنا “في مجتمعنا العربي” على محاربة المخطئ ونبذه، ومنعه من العودة إلى الحضن الاجتماعي؟
كيف يمكن أن ننمي هذه الضرورة ونعزز
أهميتها؟
لابدّ قبل كل شيء من التمتع بحس بالمسؤولية، تجاه ما نقوم به، لأن الإنسان المسؤول هو من يقدم على الاعتراف بأخطائه، ولا يهرب منها، ويتحمل النتائج التي تنجم عما قام به من
أفعال.
إنَّ أية عملية إيجابية تحتاج منا إلى طاقات تدعم الإرادة وتقويها، لذلك لابدّ من السعي دائماً إلى ذلك بالترفيه والتغيير وإيجاد المقويات النفسية
، التي تساعدنا على تجاوز الآثار التي خلفتها أخطاؤنا في المجتمع
، وتحفزنا على إيجاد السبل لإصلاحها، فعلينا أن نحسن نفسيتنا وندعمها بكثير من النشاطات وإحداث تجديد في حياتنا، فكلها تسهم بشكل كبير في خروجنا أنقياء نفسيا
ً، وهذا يساعدنا ويولد لدينا الرغبة في إصلاح ما ارتكبناه من أخطاء
، وإزالة الآثار السلبية التي لحقت بنا وبالآخرين، لذا ما علينا إلا خلق البيئة السليمة التي ستنعكس إيجاباً على ذواتنا وقدراتنا، وتعزز إيماننا بالمستقبل، والسعي ليكون
أفضل.