علي حسن الفواز
تعهد رئيس الوزراء العمالي ستارمر باتخاذ الإجراءات الرادعة لن يكفي لمواجهة تصاعد هذه الصراعات، والسيطرة الكاملة على أعمال الشغب، فالأحداث تكشف عن وجود احتقان اجتماعي
يواجه حزب العمال البريطاني وحكومته أزمة غير مسبوقة من العنف الداخلي، فما يحدث في عديد المدن، يُنذر بـ»صراع مفتوح» وبأحداث شغب، قد تحمل معها دوافع عنصرية، وربما سياسية، فحادثة مقتل ثلاث فتيات غرب إنكلترا تسببت بأعمال عنف، وبجرائم كراهية، دفعت قوات الأمن إلى إلقاء القبض على عدد كبير من جماعات اليمين المتطرف، لكن الخشية منها، تبقى عالقة بتمدد هذه الأعمال إلى مدن إيرلندا الشمالية، لتعيد إلى الأذهان ذاكرة «الحرب الأهلية»
في السبعينات..
تأجيج هذا العنف وإثارة الشغب ليس بعيداً عن الأزمات الداخلية، ولا عن التحديات التي تواجهها حكومة كير ستارمر، وطبيعة السياسات التي باتت أكثر تعقيداً، في التعاطي مع أزمات التضخم الداخلية، ومع الصراعات الدولية التي وجدت بريطانيا نفسها متورطة فيها، لاسيما في الصراع الأوكراني الروسي، أو في صراع الشرق الأوسط، وفي دعم العدوان الصهيوني
على غزة..
يكشف ارتباط هذه الأحداث بجرائم الكراهية عن توقعات مثيرة للجدل، يمكن أن تدفع بالحكومة البريطانية إلى إجراءات استثنائية، ليس لاتباع سياسة الردع الأمني من قبل أجهزة الشرطة فحسب، بل لوضعها أمام صعوبة تنفيذ برامجها السياسية والاقتصادية، ومواجهة عصابات الجريمة المنظمة، التي يقف بعضها خلف تلك الأحداث العنصرية، لاسيما بعد تعرّض أهداف مدنية تخصّ طالبي اللجوء إلى المدن البريطانية إلى أضرار
خطيرة..
تعهد رئيس الوزراء العمالي ستارمر باتخاذ الإجراءات الرادعة لن يكفي لمواجهة تصاعد هذه الصراعات، والسيطرة الكاملة على أعمال الشغب، فالأحداث تكشف عن وجود احتقان اجتماعي، وعن وضع اقتصادي صعب، وأن فرض العقوبات على «مثيري الشعب» ، والبحث عن هوياتهم، لن يكفي لوضع معالجات ناجعة، فالأمر يرتبط بقضايا إشكالية، بدأت تتفاقم بعد صعود اليمين المتطرف إلى « البرلمان الأوروبي» والذي يمكنه تهديد السلم الأهلي البريطاني المتنوع الثقافات والهويات، لكن فصل هذه الظواهر عن الحالة السياسية المضطربة التي تركها حزب المحافظين مفتوحة، سيكون تجاوزاً للواقع ذاته، إذ تمثلها سياسة بريطانيا المتطرفة في دعم الأوكرانيين، وفي دعم الصهاينة، وهو ما يعني جعل بعض الأماكن الإسلامية عرضة لهجمات عنصرية، يقف وراءها ذات اليمين، الذي أخذ يدفع بأشباحه إلى الواقع السياسي في عموم القارة الأوروبية، وعبر رسائل وظفتها وسائل التواصل الاجتماعي في سياق ربط هذه الأزمات بما يشبه «الصراع الأهلي» الذي تحدّث عنه أيلون ماكس صاحب منصة
«إكس».