أحمد عساف
أقيم مؤخرا معرض “حالات إنسانيَّة” للفنان الفلسطينيّ خير الله سليم، في صالة الآرت هاوس بالعاصمة دمشق بحضور واسع، وقد ضم 34 لوحة كانت بمقاسات مختلفة استخدم فيها الفنان ألوان الأكرليك على القماش. تبدو أعمال سليم تعبيرية واقعيّة، وفي بعض الأحايين انطباعيّة، حيث تكشف عن شخصياتها كمدلول حكائيّ ورمزيّ لمتتالية اللوحة في سفرها المتأني نحو عوالم تزدحم بقسوة الزمان على المرأة التي بدت وكأنها منذورة لدهشة السؤال المر عن معاناتها.
المرأة هنا سواء كانت بمفردها أو مع مجموعة من النساء، تتجلى في حالات اللّوحات، وتجسد المفتاح الذي يتقن كيف يفتح الأبواب على عوالم فنان يقودنا بدهشة الانعتاق من أسر امرأة إلى أخرى تحمل حكاية مختلفة عن الاخريات، وكأننا أمام حكايا الوجع الذي يبلسم جراحه، بألوان ترتق الحزن المعتق، على جدران الروح.. فالقلب لا دواء لخيباته وانكساراته سوى امرأة بكل تجلياتها، ليكتشف متابع الفنان مع أعماله كل الشغف والاحتفاء بالمرأة وبالأبعاد اللوّنية والشّكلية.
* لماذا الاصرار على وجود المرأة وبهذا الاحتفاء الباذخ في جميع لوحاتك؟
- لن أضيف أكثر مما تحدث به الشعراء والفنانين عن المرأة، المرأة في لوحاتي هي الكائن الوحيد الذي يمكنه التعبير عن كل ارهاصاتي وأحلامي وتطلعاتي لمستقبل عالم بلا حروب بلا دمار.
المرأة هي الأقرب إلى روح الفنان وأحاسيسه وأحلامه، هي الأقرب حتى من الأطفال، وهي أكثر كائن عانى ويعاني من الحروب وويلاتها وخرابها ودمارها.
*أنت من فلسطين، الأعمال هذه لم نجد فيها سوى واحد يتيم عن غزّة؟
- من عادتي حين أنوى القيام بمعرض، فأني استعد له قبل فترة لابأس بها.. هذه اللوحات رسمتها منذ ما يزيد على سنتين وأكثر، وتحديدا قبل أحداث غزّة. لكنني رسمت لوحة حديثة موجودة في المعرض هذا بعنوان “غزّة” وفيها معاناة نساء غزّة عبر تكثيف بصريّ ولونيّ، وقبل أشهر وفي المعرض السنوي لاتحاد التشكيليين السوريين الذي حمل عنوان “الكرامة” وهو معرض جماعي، كان عملي الوحيد أيضا عن معاناة غزّة .
*المعروف عن خير الله أنه فنان متأن بتقديم أعماله، يضاف إلى أنه لا يخطط لرسم أي عمل، ما رأيك؟
- قبل القدوم إلى بياض اللّوحة، لم أكن مخططا لرسم شيء معين، لكنني أضع الألوان على حافة المرسم وأكون قد هيأت اللّوحة التي سأرسم عليها، وأضع بعض الموسيقى وابدأ بالحوار مع شخوص لوحاتي، هناك عشق من نوع خاص بيني وبين شخوص لوحاتي ولا أوقع لوحتي
مباشرة.
بعد فترة من عمر الزمان أعود إليها أن تبادلنا الحب في تلك اللحظة، ثم أضع توقيعي
عليها.
* ثمة ألوان تميل إلى شحوب الخريف، كذلك ملامح بعض شخصيات لوحاتك. لماذا الخريف؟
-على الصعيد الشخصي وصلت إلى خريف العمر، وبالنسبة لي الخريف هو أجمل وأحب الفصول إلى قلبي، وألوّانه هي المحببة لدي، كذلك سنجده فصل الراحة ما بعد فصلين هما فصل الشتاء والصيف، هو الفصل
المميز.
*من خلال المعرض نكتشف تلك الحميمية بين الفنان وشخصيات لوحاته؟
-أنا متصالح مع شخصيات لوحاتي.. وأحزن كثيرا حين يتم اقتناء عمل من أعمالي، وهناك لوحات فمهما دفعوا لي بها لن أبيعها.ولد خير الله سليم في حمص السورية عام 1953، تعود أصول أسرته إلى مدينة طبرية الفلسطينيّة، وهو خريج كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 1978، وعمل في التصميم والإخراج الصحفي، وعضو اتحاد التشكيليين السوريين، وعضو مؤسس للاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين فرع سورية.