إيمان غيدان
عبر منصة «شاهد»، ضمن موسم دراما رمضان 2024 الماضي، عرض مسلسل “ع أمل”، بطولة ماجي بوغصن التي تلعب دور يسار المذيعة المشهورة وتعاني من مخاوف تتعلق بماضيها وذكرياتها لدرجة أنها تكرّس نفسها في كشف الستار عن الظلم الذي تتعرض له المرأة في المجتمع عبر أحداث تسليط الضوء على الجوانب المظلمة فيه.
ويشارك في بطولة المسلسل كل من “مهيار خضور، بديع أبو شقرا، عمار شلق، كارول عبود، ماريلين نعمان، وتأليف وسيناريو وحوار نادين جابر، وإخراج رامي حنا”.
أثارني المسلسل. ليس لأنني عثرت عبر حلقاته الـ 30 على التوجهات المدافعة عن حقوق المرأة، ولكن لأن أفكاره حول العنف المنزلي ونفورنا المتزايد من الرجل العنيف بدت واضحة أكثر من السابق، ولأن اشتغالات النساء داخل المسلسل وأفكارهن، بل وحتى سلوكهن يتماشى بشكل كبير مع الواقع المسكوت عنه.
مع الأخذ بنظر الاعتبار. أن تسمية “النسويّة” التي تطلق على توجهات الأعمال الدراميّة في الأونة الاخيرة، تبدو مثل علامة “خوارزمية” أكثر من كونها وصفا ذا معنى حقيقي للفن. فهذه التسمية أصبحت تغطي قصص المدافعات عن حقوق المرأة التي بعد مشاهدتها تكتشف التطرف الكبير في التوجهات المعنويّة والجسديّة.
ولكن مع ذلك، فقد وجدت في “ع أمل” أحدى المسلسلات التي تُظهر عند مشاهدتها النظرة الذكورية بأبشع تفاصيلها، على الرغم من أن هناك ربكة دراميّة في الحلقات الأخيرة من المسلسل وكانت خطوطها غير متقنة تقريباً، وغير مقنعة بتاتاً.
في المسلسل يتعرف المشاهد على “يسار- سعاد”، الشّخصيّة النسائية الرئيسة. باستخدام لقطات مقربة، الكاميرا عبرها تجبر المشاهد على التحديق في سلوكها “كشرب الخمر ومصاحبة رجل بطريقة غير شرعيّة”. إنها تخلق نمطًا من السلوك اللا أخلاقي والمرتبط بوجهة نظر يرفضها كل مجتمع محافظ.
تتخذ نظرة المجتمع هنا أشكالًا عديدة، ولكن يمكن تحديدها من خلال المواقف التي يتم التحكم فيها بالشخصيات النسائيّة، وتتواجد في الغالب من حيث ما تمثله للرجال.
وبدلاً من ذلك، فإن الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي تركز على تجارب النساء تعتبر هدامة للغاية في التوجهات المجتمعية المحافظة، وغالباً ما تواجه طرقاً رقابية تثبت تخريبها. على سبيل المثال، تركز الكثير من مشاهد المسلسل على متعة الرجل في القتل “غسل العار” وتقوض “مكانة المرأة” وتصورها كموضوعات وليس كأشياء “يجب امتلاكها”. على الرغم من أنها هنا لا تحاكي نظرة الذكور تماماً إلا أنها تتحدى الهيمنة المستمرة لوجهات النظر الذكورية للعالم.
في أحداث المسلسل.. هناك صحوة، ورحلة مواجهة، وخوف وقلق وطعن وغيرها من سلوكيات كانت تدفع نحو سيناريو مصمم بالأساس لتسليط الضوء على عناصر تمكين المرأة. ثم هناك الانتقام، الذي، على نحو متناقض، يبدأ في العمل كنوع للإشارة نحو العدالة.تاريخياً، استفادت الدراما من الأعمال التي تضع النساء على الهامش، وتجسيدهم عبر أدوار تضعهن كسبب لكل المشكلات، وتقرير سلوكيات البطل “الرجل” للأفضل أو نحو الأسوأ. إن سلوك المرأة ورغباتها غير مهمة إلا بقدر تأثيرها في الرجل. وتكمن المشكلة في انتظام هذه الديناميكية التي تمتد عبر تاريخ الدراما بأكمله، ومع ذلك، فإن تصوير امرأة قوية ليس خياراً فنياً مثيراً للاهتمام أو ذا معنى بطبيعته.
تقدم لنا العديد من المسلسلات صورة للنساء تعزز غرورهن، وتمكنهن من الشعور بأن المعارك الإيديولوجية يمكن خوضها بشكل هادف عبر محادثات ذات توجهات سياسية في الفن.ومع كل ذلك فإن مسلسل “ع أمل” يقف في مواجهة ثقافيّة حول قضايا المرأة. ويدفع المشاهد نحو إعادة النظر في ما يعتبر من الأمور المفروغ منها.