د. طه جزاع
كثيرة هي كتب تاريخ الفلسفة الغربية، اليونانية القديمة، والأوروبية الوسيطة، والحديثة، ولعل من أكثرها شهرة بين القراء " قصة الفلسفة " لديورانت، و" تاريخ الفلسفة" لإيميل برهييه، وكذلك تاريخ فردريك كوبلستون، فضلاً عن " تاريخ الفلسفة الغربية " بأجزائه الثلاثة لبرتراند رسل الذي تميز بمنهجيته المُبتكَرة، واسلوبه السلس، وتعليقاته الطريفة التي لا يكاد يفلت منها أحد من الفلاسفة، وبالأخص الفلاسفة اليونانيون الأوائل قبل أرسطو.
الباحثة وكاتبة السِيَر الأميركية المعاصرة ريبيكا غولدشتاين " 74 " عاماً، أرادت أن تكتب تاريخ الفلسفة الأوروبية، وحياة الفلاسفة ونظرياتهم وأفكارهم بصورة مغايرة، يغلب عليها طابع الإثارة والخيال، وتبعثهم إلى الحياة من جديد في العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، لنجد أن فيلسوفاً مُعتَّداً بنظرياته المثالية وصوره المُجَرَدة ومدينته الفاضلة جالساً على طاولة النقاش الفلسفي في حضرة شركة غوغل!، ومع أن الوقوع في حب فيلسوف مثل أفلاطون أمر سهل للكثيرين، لكن في الوقت نفسه، يصعب جداً الاقتراب منه، كما تقول " ورغم تأثيره الهائل، فهو أحد أكثر الشخصيات نأياً في تاريخ الفكر، ونأيهُ هذا ليس فقط بسبب قِدَمه، لكن أيضاً بسبب الطريقة التي قدم بها نفسه إلينا من خلال كتاباته. لم يكتب أطروحات أو مقالات أو تحقيقات تطرح مواقفاً، إنما كتب المحاورات التي لم تكن أعمالاً فلسفية عظيمة فحسب، بل أعمال أدبية عظيمة أيضاً "، ومن قرأ المحاورات الأفلاطونية بإمعان يدرك معنى قول ريبيكا غولدشتاين في كتابها " أفلاطون في حضرة غوغل "، ويدرك معنى العنوان الفرعي للكتاب " لماذا لا تنقضي الفلسفة ؟ ".