كتب رئيس التحرير:
الصلاة التي أقيمت أمس في كنيسة القدّيس يوسف ببغداد، كانت ذات حمولة رمزيَّة عالية، فهي تُرفع في عاصمة ابتُليتْ مطوّلاً بنزاعات كانتْ ثمارها الدم والدموع وفي بيت من بيوت الله كان يتهدده خطر عصابات إرهابٍ أسود. وبانزياح الغمّة عن قلب العراق وعودة السكينة إلى قلبه، ها هي بغداد ترفع صلواتها لمدنٍ أخرى مبتلاة بجرائم أقسى وحوش الأرض في غزّة وأخواتها من مدن فلسطين السليبة.
حضور رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني وكلمته التي ألقاها قبيل الصلاة، ومشاركته غبطة البطريارك لويس روفائيل ساكو والسيد عمار الحكيم في إشعال الشموع داخل الكنيسة وإطلاق حمام السلام في فنائها، كلّ ذلك تأكيد على وحدة العراق بكلِّ مكوّناته وتجديد لموقفه الداعي إلى إحلال السلام في المنطقة وإعادة تذكير بمجد بغداد التليد باعتبارها جامعة للأديان جميعاً واستعادة لاسمها الأول: مدينة السلام.
ما يجري في غزّة تجاوز كلَّ حدّ، ومشاهد قتل الأطفال الرضَّع تشكل وصمة عار في وجه الإنسانيَّة، فكان لزاماً على ممثلي الأديان أنْ يقولوا كلمتهم، وأنْ يعلنوا على الملأ أنَّ هذه الوحشيَّة الصهيونيَّة لا يمكن أنْ تكون صادرةً عن جوهر إلهيّ يقدّس السلام ويحفظ للإنسان كرامته باعتباره أعظم مخلوقات الله. ولهذا فإنَّ صلاة كنيسة القدّيس يوسف أمس رسالة من بغداد إلى العالم مفادها أنَّ العراق ـ الذي خبر مآسي الحروب وويلاتها ـ يعرف معنى أنْ تكون قلوب المؤمنين، من مسيحيين ومسلمين، متوجّهة إلى السلام من مدينة السلام.