نخبٌ لامرئ القيس

ثقافة 2024/08/27
...

 شاكر الغزي

رَشْفةٌ لن تضُرَّكَ...
هذي الكؤوسُ
ستَفْرَغُ قبلَ امتلائكَ بالنشوةِ الغسَقيَّةِ
لُمَّ الليالي السَّواقطَ بين الدخولِ فحوملَ
لُمَّ صحابتَكَ الثملينَ
ستُغلِقُ أبوابَها حانةٌ
كنتَ تُهرقُ عمرَكَ ما بينَ جُدْرانِها
لنْ يُشارككَ الآنَ نخْبَكَ من أحدٍ
فاشربِ اليومَ، واشربْ غداً
غيرَ مُستحقبٍ
من خطيئاتكَ البيضِ إثماً
ولا واغلِ
اشربِ الآنَ، وانفضْ غبارَكَ وسْطَ الكؤوسِ
استَرِحْ أيُّها التعَبُ المُستريبُ
ولو... ريثما يستريحُ القطا الجافلُ

*     *     *

لكَ أنْ تغتدي،
والقطا نائمٌ
والعصافيرُ لمّا تزلْ بعْدُ تفركُ أجفانَها...
هلْ تفقَّدْتَ قيدَ الأوابدِ قبلَ ارتحالِكَ؟
أَمْسِ الدماءُ على نحرهِ
ومَداكُ عروسٍ إذا ما انتحى فوقَ كَتْفيهِ
لكنَّهُ اليومَ من تعَبٍ هازلُ!
إنَّ جلمودَ صخركَ
ـــ أو هكذا ما ظننتَ ـــ
الصهيلُ تكسَّرَ في صدرهِ
لا يكرُّ، ولا يشتهي خُضرةً في المراعي
وهذا السحابُ المُلبَّدُ
ألقى بصحراءَ ليلِكَ بِرْكتَهُ،
أيقظَ الرملَ حينَ القطا نائمٌ
وعُنيزةُ نائمةٌ
ما عليها سوى لِبسَةِ المُتفضِّلِ
لكنَّ صحراءَ ليلكَ
تسترُ ما شفَّ من ثوبِها

*     *     *

لكَ أنْ تغتدي...
لا شرابَ،
ولا فرسٌ جامحٌ،
لا خليلَيْنِ ــ إنْ قلتَ:
يا صاحبيَّ قفا ــ يبكيانْ
يا مُقرَّحُ: كيفَ ارتحالُكَ؟
خُذْ رَشْفةً لن تضُرُّكَ...
هذي الكؤوسُ
ستَفْرَغُ قبلَ امتلائكَ بالثأرِ،
خُذ رَشْفتينِ
وأَشْفِقْ على الكأْسِ في الرشفةِ الثالثةْ.