الديوانية: عباس رضا الموسوي
أشعر كلما اقتربت من مدينة السنية ١٠ كم شمال مركز محافظة الديوانية، أن الحزام الأخضر، الذي يلتف حولها كأنه حزام قماش لقروية أبكرت الى الحقل لتزيد جماله جمالا، فهذه المدينة الواقعة وسط الأرياف تشكل في عين الرائي دوحة نضرة، تطوف الطيور في سمائها وتستفئ تحت أشجارها وتمرح في مروجها وترتوي من جداولها، تعد واحدة من المدن التاريخية القديمة، التي احتضنت أرضها آثارًا بابلية وسومرية مثل تلال ( ونه وصدوم ) على الرغم من حداثة نشأتها الاخيرة، حيث اهتمّ العثمانيون بإعادتها إلى الواجهة.
تذهب المصادر إلى أن السنية كانت محطة مهمة للتجارة النهرية والبرية، لكونها تتمتع بموقع جغرافي مميز، وأن أغلب محاصيلها الزراعية تصدر الى المدن الكبيرة مثل بغداد خصوصا عنبها وتينها، الذي ما زال يطلق عليه (السياحي)، فضلا عن ذلك فإنها كانت في سبعينيات القرن الماضي أفضل وجهة سياحية للسفرات المدرسية والأسر، التي تبحث عن جمال الريف وهوائه العليل وصمته المطبق، فهناك في الارياف الرحبة تجد الحياة البدائية على طبيعتها، التي وجدت عليها قبل قرون من الزمن، حيث يمكنك الجلوس داخل أكواخ القصب والبردي والاتكاء على سور من الطين وقطف الثمار من أشجارها، والاستماع الى صوت ريفية شعرت بوحشة الوحدة بين البساتين الرنانة، فأجهرت بالغناء الشجي، وغير ذلك من متع قضت عليها حياة التمدن.
يذكر، أن العديد من جوانب التراث ما زال شاخصا في مدينة السنية، ومنها أن الرجال في الأرياف يعقدون عند المساءات حلقات (الچوبي) المصحوب بالناي في مناسباتهم السعيدة، للتعبير عن الفرح، إضافة إلى غنى دواوينهم العامرة بالمساجلات الشعرية وحكايات من التراث.