امبراطورية تشايكوفسكي: حياة جديدة لأعظم موسيقار في روسيا

ثقافة 2024/09/03
...

  ترجمة: نجاح الجبيلي 

يزعم كتاب جديد عن سيرة تشايكوفسكي أن الموسيقار الروسي ليس ذلك العبقري المعذب الذي تمّ تصويره عليه، ولكنه رجل محب للمرح يتميّز بروح الدعابة ويتمتع بـ "حياة رائعة". وقد قامت محررة صفحة الموسيقى في صحيفة الغارديان داليا ألبيرج بمراجعة هذه السيرة.

طالما تمَّ تصوير بيوتر إيليتش تشايكوفسكي على أنه شخصية حزينة ومأساوية ومعذبة. لكن مؤلف "بحيرة البجع" كان في الواقع رجلاً محباً للمرح ويتمتع بروح الدعابة التي تشبه وفقًا لأحد كاتبي السيرة الذاتية له.

 قام البروفيسور سايمون موريسون، عالم الموسيقى الرائد، بدراسة الرسائل والمذكرات غير المنشورة سابقاً والتي، كما قال، تكشف جانباً جديداً للمؤلف الموسيقي، الذي تشمل روائعه العديد من الباليهات مثل "الجمال النائم" و"كسارة البندق" فضلا عن السيمفونيات والأوبرا والكونشيرتو. وقال موريسون: "لقد تمَّ تداول رواية معينة عن تشايكوفسكي  في منتصف القرن الماضي إلى يومنا هذا، ووجدتها غير صحيحة تماماً. إذ تم تشويه سيرته الذاتية بشكل مخجل من قبل الدارسين - بطريقة يمكن القول تقريباً أنّها معادية - لأنهم قدموه كرجل معذب ولم يكن سعيداً في حياته وحبه، ومن ثمَّ اختزلت موسيقاه إلى صوت المعاناة، لكنّه لم يكن كذلك. لقد كان ناجحاً، وكان يحظى بالكثير من الحب من العائلة والأصدقاء والصديقات، والثروة. لقد عاش حقاً حياة رائعة جداً".

 عكف كتاب السيرة الذاتية على دراسة حياة تشايكوفسكي، الذي ولد عام 1840 في فوتكينسك في الإمبراطورية الروسية السابقة، وتم تحويلها إلى فيلم بعنوان "عشّاق الموسيقى"، أنتج عام 1971 من بطولة ريتشارد تشامبرلين وجليندا جاكسون وإخراج كين رسل.

وكان فيلم "زوجة تشايكوفسكي"، الذي صدر العام الماضي، مبنياً بشكل فضفاض على العلاقة البائسة بين تشايكوفسكي وأنطونينا ميليوكوفا، التي تزوجها في عام 1877.

 عثر موريسون، أستاذ الموسيقى واللغات السلافية وآدابها في جامعة برنستون في نيوجيرسي، على وثائق من أرشيفات روسية عدة على مدى السنوات العشر الماضية لم تتم الاطلاع عليها سابقاً من قبل مؤرخي الموسيقى.

ومن المقرر أن يتم نشر بحثه في وقت لاحق من هذا الشهر في كتاب جديد بعنوان "إمبراطورية تشايكوفسكي: حياة جديدة لأعظم موسيقار في روسيا".

يكتب موريسون أن الرسائل والمذكرات غير المنشورة لمعاصري تشايكوفسكي تصور جانباً من حياته "تم استبعاده من الرواية التقليديّة والمضللة عن معاناته الكئيبة". ويعتقد أنّ الافتراضات غير الصحيحة قد تمَّ وضعها من خلال الاعتماد على المصادر المحدودة نفسها، ولا سيما مراسلات تشايكوفسكي مع راعيته ناديجدا فون ميك، التي كانت شغوفة بالموسيقيين الرومانسيين الألمان. 

في رسالة شهيرة أرسلها لها، وصف الموسيقار سمفونيته رقم 4، حيث ناقش موضوعات مثل القدر وقوى الخير والشر المتنافسة وعلاقتها بالعنوان الأصلي للعمل "الأسدان"، المستوحى من رحلة إلى البندقية.

قال موريسون: "إنّها رسالة مروعة كانت مثار إعجابها. حين وصف تشايكوفسكي الموسيقى لها، روى قصة عن كيف سيقضي علينا القدر جميعاً. ثم حين نستمع إلى الموسيقى.. يبدو أن ما يقوله لا يتطابق معها".

استنتج موريسون من رسائل الموسيقار إلى المتلقين الآخرين أن تشايكوفسكي كان يكتب "أشياء مثالية راقية" لتلك المرأة الراعية له.

قال: "إنَّ أسوأ شيء فعله على الإطلاق هو كتابة تلك الرسالة إلى [فون ميك]. في رسائله إليها، يبدو دائمًا محبطًا. وقد ترسّخت الرواية بأن هذه الكآبة كانت بطريقة أو بأخرى انعكاسًا لحياته الجنسيّة".

أعرب تشايكوفسكي عن مخاوفه على صحته، وخاصة بشأن الكوليرا التي قتلت والدته. وفي عام 1893، وقع هو أيضًا ضحية لها. لكنّه رأى أيضًا الجانب الهزلي من اعتلال الصحة، ولا سيما مشكلات الجهاز الهضمي، وهو يرسم صورة لنفسه وهو في حالة من الاضطراب أثناء وجوده في القطار.

وختم موريسون أنّ العديد من الرسائل الموجهة إلى ثلاثة من أشقاء تشايكوفسكي، الذين كان مقرباً منهم، كانت "مضحكة ومؤثرة جداً. كان بعضها مبالغ فيه تماماً، وتحمل نوعاً من روح الدعابة، ويتحدث عن كل شيء بدءاً من مغامراته الجنسيَّة وحتى مشاكله المعوية الرهيبة".