فريد الأطرش موسيقى عالميَّة ممزوجة بحسرة

ثقافة 2024/09/04
...

سامر المشعل

كان فريد الأطرش جالساً في أحد نوادي باريس، مستمعاً ومستمتعاً بالموسيقى التي تعزف، وإذا به يتفاجأ أن الفرقة الموسيقية الفرنسية تعزف أحد ألحانه "وياك وياك الدنيا حلوه وياك"، وتفاعل الحضور مع أنغام هذه الموسيقى رقصاً وطرباً.. في هذه اللحظة ترك فريد المكان وراح يتمشى في شوارع باريس، يفكر : كيف ننقل موسيقانا إلى الغرب؟ وهو مؤمن بأن موسيقانا لو استمع إليها الجمهور الغربي فسيحبها.في اليوم التالي طلب من الموسيقار والمنتج الفرنسي فرانك بورسيل اللقاء والتعاون لإنتاج أعمال موسيقية عربية. رفض بورسيل لقاء فريد ولم يجد في الموسيقى العربية ما يستحق الإنتاج.لم يجزع فريد واستعان بأحد أصدقائه الذي يعمل مع الموسيقار بورسيل، وكان الأخير واحداً من أهم الموسيقيين في الغرب ولديه فرقة مكونة من 120 عازفاً، فتدخل الصديق المشترك وأقنعه بسماع فريد لأن موسيقاه
مختلفة.
استمع بورسيل إلى فريد لمدة ساعتين، وكان منبهراً بما سمعه، فتم الاتفاق على إنتاج 12 قطعة موسيقية، وزعت في أوروبا والعالم.
تجاوزت موسيقى فريد حدود العالم العربي نحو العالمية، وقدمت بعشر لغات عالمية من قبل أشهر المغنين والفرق الموسيقية العالمية.
امتازت موسيقى فريد بالروح الشرقية الممزوجة بسحر الموهبة، التي تستسيغها الأذن الغربية.
أجمع كبار الموسيقيين والملحنين على عبقرية فريد في العزف والتأليف والألحان والغناء، لكنه لم يأخذ حقه الطبيعي من الاهتمام والترويج لأعماله الموسيقية والغنائية، وكان فريد يدرك ذلك ويشعر بهذه المظلومية.
يقول بليغ حمدي عنه "كاذب من يقول إنه لم يتأثر بفريد الأطرش، من أكبر موسيقي لأصغرهم، عندما كنت صغيراً أبهرني لحن "أنا واللي بحبو"، لحن
غريب".
ويذكر بليغ أن محمد عبد الوهاب في جلسة خاصة، طلب من فريد أن يأخذ عشرة ألحان منه ويسجلها باسمه مقابل أن يعطيه لحن "أنا واللي بحبو".
ولد الأطرش في سوريا العام 1917 من عائلة أمراء، عرفوا بمقارعتهم للاستعمار الفرنسي، اضطرت عائلته إلى الهرب من قمع الفرنسيين إلى مصر، فعاش وتربى في القاهرة مع والدته وأخته اسمهان، تعلم عزف العود من والدته، التي تملك صوتاً جميلاً وتجيد الضرب على العود. عانى مع عائلته شظف العيش واليتم.
يقول عنه الفنان عبد السلام النابلسي "تسلق فريد سلم المجد درجة، درجة، وفي كل درجة يسكب دمعة وينضح عرقاً".
كان فريد أميراً في سلوكه وتعامله مع الآخرين، بشهامة وكرم، لا يشبه أحداً من الفنانين، وله مواقف إنسانية مع الفنانين والناس لا تعد ولا تحصى.
لا يمكن حصر الأعمال التي لحنها لغيره من الفنانين منها: لحن لصباح "يادلع دلع، الاقي زيك فين ياعلي، عالصورة، حبيبة امها".  ولوديع الصافي "عالله تعود"، ولأسمهان "ليالي الأنس بفيينا، بدع الورد، يلي هواك شاغل بالي، أهوى"، ولوردة الجزائرية "روحي وروحك حبايب، احبابنا ياعيني"، ولسميرة توفيق "بيع الجمل ياعلي". ولمحرم فؤاد "ياوحشني رد عليه"، ولعصام رجي "هزي يانواعم" وغيرها.
تأثر كثيراً برحيل أخته المفاجئ أسمهان وهي بعز نجوميتها وشبابها، وتوفي الأطرش العام 1974 بسبب مرض القلب.