أهمّ من تشكيل لجنة تحقيقيَّة لمعرفة ملابسات ما جرى خلال تظاهرات خريجي المهن الصحيَّة أمس، هو تفعيل اللجنة المكلّفة بحسم موضوع تعيينهم. والأمران معاً أعني تشكيل لجنة التحقيق وتفعيل لجنة الحلّ وردا في بيان الحكومة الذي صدر عقب الحادث المؤسف في تظاهرة أمس.
معضلة ذوي المهن الصحيَّة مركّبة، تبدأ بأعدادهم الكبيرة التي تُخرِّجها كليات حكوميَّة وأهليَّة تتكاثر باضطراد ودون ضابط أو تخطيط، ولا تنتهي بالقوانين الواجب تعديلها لكي يصار إلى استيعاب الكوادر الطبيَّة والصحيَّة بحسب احتياج الدولة لا بحسب موازين الصدفة والاعتباط ودرء الأزمات.
أخذت حكومة السيد محمّد شياع السوداني على عاتقها وفي برنامجها، مهمةً تتمثل بالحدِّ من الترهّل الوظيفيّ الذي ورثته من الحكومات المتعاقبة، وقطعتْ في هذا السبيل خطوات جريئة. لكنَّ تكييف هذه المهمَّة والعمل بموجبها يستلزم تعديلاً لبعض القوانين لكي تغدو ممكنة، وفي مقدّمتها قانون التدرّج الطبي رقم 6 لسنة 2000 الذي من شأنه تنظيم تعيين ذوي المهن الطبيَّة والصحيَّة والساندة. إضافة إلى الحاجة الملحّة لقرارات تنشّط القطاع الخاص في المجالات كافة لخلق قدرة استيعابية تَسَعُ حشود الخرّيجين الذين يجدون أنفسهم مضطرين للتظاهر طلباً للتوظيف.
الاحتكاك بين المتظاهرين والقوات الأمنيَّة مؤسف وكان يمكن تجنّبه. وجاء توجيه رئيس الوزراء متناسباً وما حدث، فشدَّد على ضرورة التحقيق في ملابساته وضرورة تواجد قائد عمليات بغداد ميدانياً في التظاهرات المقبلة.
نكرّر أنّ ما جرى مؤسفٌ، ولكن الأشدّ مدعاة للأسف يكمن في محاولات استغلال الحدث إعلامياً وجعله رصيداً في حساب سياسيّ أو شخصيّ!