كتب: رئيس التحرير
تزامن انتخاب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في نهاية تموز الماضي مع حزمة تحدّيات إقليميَّة ودوليَّة كانت تترصَّد المنطقة بعامَّة وإيران بشكل خاصّ، أهمّها على الإطلاق الاعتداء الصهيونيّ المتمثل باغتيال إسماعيل هنيّة وتوقعات الردِّ عليه، بحيث بدا كما لو أنَّ شيطان الحرب العالميَّة على وشك أنْ ينفخ بوقه.
جاء اسم بزشكيان إلى الساحة أشبه برشقة ماء بارد على جسد المنطقة الملتهب، وفجأةً خفّت حدّة التجاذبات الإعلاميَّة وسُمح للمداولات السياسيَّة العميقة المباشرة وغير المباشرة بأنْ تحفر لها مجرى في منطق التغالب الذي كان سائداً.
الرئيس الإيرانيّ الذي يزور بغداد اليوم، في أوّل رحلة خارجيَّة له، سليل جهد سياسيّ إيرانيّ كان دائماً وأبداً هو الكفّة الثانية في ميزان الجمهوريَّة الإسلاميَّة، إذ الكفّة الأولى يمثلها ذوو العقيدة الثوريَّة من سياسيين وعسكريين. والاثنان معاً، أعني الدبلوماسيين والعقائديين هما الجناحان اللذان حلّقتْ بهما إيران طوال عقود. مرةً قرأتُ للصحفي الفرنسي البارز سيمون مالي قوله في مقالٍ له: "صعبٌ أنْ تفهم إيران إلّا إذا فهمت رفسنجاني"، في إشارة إلى الرئيس الإيراني الراحل الذي كان نتاج عقليَّة ثوريَّة لكنه في الآن نفسه دبلوماسيّ قادر على تحويل طبول الحرب إلى حوار. وأحسب أنَّ الأمر ينطبق على الرئيس الإيراني الحالي.
وجود بزشكيان في بغداد اليوم يخلق مشهداً متناغماً. دولتان جارتان فيهما قيادتان تريدان لبلديهما فضاءً حوارياً مع العالم لتحقيق مصالح بلديهما برغم نافخي أبواق الحرب.