قحطان العطار.. الغائب الحاضر

ثقافة 2024/09/18
...

 بغداد : رشا عباس    

بعدما أدرك عشاق المطرب قحطان العطار، عدم استطاعتهم بإعادته إلى الغناء، بعد قرار اعتزاله، الذي أعلنه منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، والاكتفاء بالتواصل مع الجمهور برسائل المحبة المتبادلة، إذ لا يجد أي صحافي وسيلة للتواصل مع الفنان، غير الكتابة عن ذكرياته وأعماله والحديث مع أصدقائه المقربين، الذين ينتظرون رسائله بشوق ومعرفة أخباره.
قبل أكثر من عقد، قرّر محبو العطار أن يؤسسوا له صفحة في الـ"فيسبوك،" تعنى بأرشيفه الغنائي ومسيرته الفنية، حتى توافد الآلاف للانضمام إلى كروب "صوت الحب.. قحطان العطار"، صادف أن يكون بينهم من المقربين له في الدنمارك، فقد سهّلوا مهمّة التواصل معه، ومن ثم دعوته للمجموعة، فصار أحد أعضائها النشيطين وبدأ جمهوره بالتواصل معه مباشرةً، وقد حرص على تبادل التحايا معهم، والإجابة على استفساراتهم، بل إنه خصص وقتاً لكل واحدٍ منهم ليكتب له بخط يده رسائلَ محبةٍ لها وقعها الخاص في
نفوسهم.

صداقةٌ حقيقيَّة
الإعلامي كوكب السياب أحد مؤسسي المجموعة قال "منذ خروج العطار من العراق، مطلع حرب الثمانينيات، بدأ نشاطه بالانحسار، بعد أن كان نجماً لامعاً يُزين سماء الأغنية العراقية الحديثة، كان دائمَ البحث عن بيئةٍ توفّر له الاستقرار النفسي، بعيداً عن ضوضاء الحرب واشتعال فتيلها، وحينما حط رحاله في الكويت، وجد بعضاً من هذا الهدوء الذي أتاح له أن يقدّم من خلاله باقة من الأغنيات، التي شكّلت حضوراً طيباً لدى جمهوره.
واضاف السياب، في الكويت تدخَّل القدر لينقذ العطار من بطش الحرب، فقد هاجر صاحبنا مصادفةً من الكويت إلى الدنمارك، لاجئاً، قبل أسابيع من الغزو الصدامي لها في العام 1990 هذه الأزمات المتوالية، صنعت جداراً سميكاً حال دون أن يستمر قحطان العطار في الغناء، فمع ظروف كهذه، كان دائم القول: "كيف أغني ووطني غارق في الأزمات" لقد اعتزل العطار، لكنه لم يعتزل محبة الناس، فبقي متواصلا مع محبيه، وحرص أن تكون علاقته بهم علاقة صداقة حقيقة، لا علاقة فنان مع معجبين.
عن سبب رفض الفنان المعتزل اجراء لقاءات صحفية معه، اجاب الشاعر رحيم العراقي على لسان العطار قائلا:" أرى أن اللقاء مع الفنان يجب أن يحمل جديدا أو يتناول مشروعا فنيا، وبما أني متوقف عن الغناء، فأنا لا أرى جدوى، لأي لقاء وسيكون مجرد حديث
إنشائي.
وسبق أن سُئِلَ الشاعر رحيم العراقي الفنان قحطان العطار، الذي توقف صوته منذ العام 1993..؟ أجابه العطار: صمتي لم يكن اعتكافا، بل حداد على ما جرى في وطني وشعبي
من مآس.

جزءٌ من ذكرياتنا
اما المطرب سعد عبد الحسين، الذي يعد امتدادا للفنان قحطان واطرأ الأخير على صوته وخصَّه بحصة يحسد عليها من الرسائل، التي تمتزج فيها أشواق والذكريات فقال " في فترة السبعينيات المزدهرة غنائيا ظهر على الساحة الفنية شعراء وملحنون ومطربون، كان لهم الكأس المعلى بتغيير مسار الأغنية العراقية من التقليدية إلى الحداثة، كان لهم تأثير كبير على هواة الغناء، وكل له أيقونته التي يحاول أن يستنير بها في مساره الفني، وقد نال المطرب قحطان العطار تفردًا آسرًا في الأداء والإحساس ما دنا منه مطرب آخر، مهما جاهد واجتهد، إذ حلق عاليا في سموات الغناء وأفرد جناحيه ليستظل بها كثير من مطربي
اليوم".
ويكشف عبد الحسين لهفة وحاجة الجمهور العراقي لصوت قحطان من خلال مهرجان كبير إقامته دائرة الفنون الموسيقية حضره المئات من عشاقه، وهذا دليل على أنه باقٍ في ضمير، محبيه على الرغم من بعده عن وطنه واختياره الغربة لسنوات
طويلة.
مختتما عبد الحسين، بقي العطار على تواصل معنا نحن عشاقه، عبر تبادل الرسائل كلما هاج به وجد الاشتياق، وكان لي حصة من تلك الرسائل التي شرفني بحروفها التي ما زالت تحمل عبق محبة ومشاعر
بيضاء.