بطل الواقع

ثقافة 2024/09/18
...

سامر المشعل

الفنان ـ النجم ـ يكون له تأثير كبير وفعال بعامة الناس، أكثر من أي شخص آخر، ربما يكون ناجحا في مهنة أخرى.
وعندما يتطابق الفنان مع فنه وسلوكه اليومي ومواقفه بالحياة، يكون بطلا بالواقع وتتسع دائرة الاحترام والتقدير والاعجاب بهذا الفنان.
مناسبة هذا الحديث عندما رصدت كاميرات المراقبة على جسر للمشاة يمتد على نهر كمبرلاند في مدينة " ناشفيل " الاميركية، نجم الروك الاميركي جون بون جوفي، وهو ينقذ امرأة تروم الانتحار من أعلى الجسر، وقد انتشر مقطع فيديو في الاسبوع الماضي يصور هذه الحالة عرضته العديد من الفضائيات ومواقع التواصل
الاجتماعي.
كم كانت فرحة الناس من مختلف انحاء العالم بهذا الفنان، الذي أنقذ حياة امرأة كانت قد يأست من حياتها المظلمة وأعادها إلى الحياة مجددا، لتزداد نظرة الإعجاب والتقدير لهذا الفنان الإنسان، ويتحول إلى بطل واقعي، وليس بطلا خلف الكاميرا يؤدي دورا تمثيليا أو يتحدث بحماسة وفائض مشاعر عن المحبة واسعاد الناس والتحرر وحقوق الانسان من أجل أن يكون العالم أجمل، لكنه في الواقع بعيد عن هذه القيم الانسانية
النبيلة.
القصة بدأت عندما كان يصور المغني جون بون جوفي مقطعا من فيديو كليب مع فريقه، فشاهد امرأة بمواجهة النهر، بعدما تسلقت سياج الجسر وهي توشك على الانتحار، فأخذ يقترب منها شيئا فشيئا ويتحدث معها بهدوء بمساعدة صديقته، حتى أقنعها بالعدول عن فكرة الانتحار والرجوع عن حافة الجسر إلى مكان آمن، ثم احتضنها وضمها إلى صدره بكل حميمية بمشهد مؤثر انسانيا، وربما تكون هذه الفتاة بحاجة إلى الاهتمام، الذي وجدته في حديث وأحضان النجم العالمي جون، وظل برفقتها حتى نهاية النهر ومن ثم نقلت إلى المستشفى لتقييم حالتها الصحية
والنفسية.
الجميل بالأمر أن المغني جون بون لم ينشر شيئا عن هذه الواقعة، ولم يتفاخر أو يتباهَ بفعله الإنساني، وعندما طلب منه الحديث عن الحادثة، قال باقتضاب "هي تعيش بوضع خاص، ولم يكشف عن اسمها أو تفاصيل حياتها".
يذكر أن جون بون جوفي البالغ من العمر 62 عاما معروف بالتزامه بالقضايا الإنسانية والأعمال الخيرية منذ بداية مسيرته الفنية التي انطلقت بالعام 1983 وقد اصدر 16 ألبوما مع فرقته الموسيقية، كان آخر البوم له صدر هذا العام.
وقد باع أكثر من 130 مليون ألبوم خلال مسيرته، وانتشرت له العديد من الاغاني التي ذاع صيتها منها " اتس ماي لايف ".
كم جميل أن يتطابق الفنان مع سلوكه اليومي في بث قيم الخير والمحبة والجمال والوطنية، وترميم الخراب والضياع الانساني، الذي تنتجه ماكنة القبح والفساد
السياسي.