عمليات التجميل.. هوس يجتاح المجتمع الكوري الجنوبي

اسرة ومجتمع 2019/06/21
...

كاثارينا غراسا بيترز
ترجمة: ليندا أدور
في كوريا الجنوبية، أصبح هوس الحصول على مظهر جميل، شديداً بعد أن شاع وبكثرة، اجراء عمليات التجميل، حتى بين الرجال، كعمليات نفخ الشفاه وعمليات زرع لتدوير الوجه، التي باتت تجرى أثناء فترة الغداء.
يأمل بارك جاي هون، الذي خضع لعمليات تجميل لأجفانه وأنفه، وحالياً سيخضع لعملية توسيع لخطوط الذقن وتصحيح الفم من خلال رفع زواياه، ليحصل على محيّا أكثر ودية، بأن ذلك سيحسن فرصه ويقول: “ربما يمنحني فرصاً أكثر بالحصول على زوجة جميلة”. يجيب بارك ((29 عاماً، الذي يضع شعراً مستعاراً ليغطي على شعره الخفيف، لدى سؤاله عن مدى رضاه عن شكله، بأنه أصبح اكثر ثقة في تعامله مع الآخرين منذ أن أصبح مدون مقاطع فيديو على الانترنت قبل عامين، لكن اعجابه بشكله بدأ يقل أكثر وأكثر.
 
إجراءات صغيرة
ان الضغط الشديد للظهور بمظهر أجمل في كوريا الجنوبية بلغ حداً لا حصر له، وبشكل خاص في المدن، حيث يتوجه الكثير الى عيادات التجميل، وبانتظام، للقيام بـ”إجراءات صغيرة” كحقن البوتوكس والحشو، بغية تحسين فرصتهم اثناء مقابلات العمل، على سبيل المثال، إذ تلعب الجاذبية دوراً مهماً في سوق العمل. تقول جوانا ايلفنك هوانج، من جامعة استراليا الغربية، والتي أجرت العديد من الدراسات حول هذا الموضوع، بأن ذلك “يعكس اهتمام الكوريين بأجسادهم وقد أقوم انا بإجرائها كذلك”.  
تقول هوانج، التي عاشت في فرانكفورت، “في الغرب، تؤطر كثرة عمليات التجميل التي تجرى في سيئول ضمن الافتقار الى الوازع الاخلاقي، “أما في المانيا، اذا أردت اجراء عملية جراحية، توجب عليك أن تختلق قصة لحالة نفسية كبرى، وقد مررت بهذه التجربة المريرة عندما سخر أحدهم من أنفي الكبير، لذا انا اجري هذه الجراحة للتخفيف من حالتي النفسية”.
على العكس من ذلك، في سيئول توفر بعض العيادات حقناً للشفاه اثناء فترة الغداء، لا تتطلب العملية سوى ثلاثين دقيقة للإعداد، و10 دقائق لعملية الحقن وانتهى الأمر. يخضع الفرد الواحد في كوريا الجنوبية لعمليات تجميل أكثر من أي مكان آخر في العالم، هناك 2330 جراح تجميل ممارساً، ما يجعلها أكثر البلدان في العالم التي يوجد فيها جراحو تجميل للفرد الواحد. 
 
كمال غير كامل
ليس سكان كوريا المحليون وحدهم هم من يرغب بتحسين مظهره، ففي المطار، هناك منضدة مخصصة لاستقبال السياح القادمين لغرض الجراحة من مختلف أنحاء العالم، بالرغم من أن غالبيتهم يأتون من الصين. شهد العدد السنوي للزوار الأجانب القادمين الى كوريا لإجراء جراحة تجميلية، زيادة وصلت الى 37 بالمئة في العام 2018، اذ شملت بعض العروض المقدمة، توفير خدمة نقل من والى المطار، فضلاً عن توفير مرشد سياحي الى جانب بقية الاجراءات الطبية، وقد منح ذلك كله، سيئول لقب “عاصمة الجراحة التجميلية في العالم”.
أغلب العمليات التي يتم اجراؤها تكون في الأنف والجفون، او ما يسمى بـ “جراحة الجفون المزدوجة”، كما أصبحت جراحة الذقن “الخطرة” شائعة كذلك. لكن غالباً  ما يكون الكمال غير كامل كفاية،  فالنزعة السائدة مؤخراً، هي عملية زرع مواد لجعل الرأس أكثر استدارة وتحسين الصورة الجانبية.
يقول ري بيانغ جون، جراح التجميل في مستشفى بي كي بأن: “البعض ممن هم بعمر العشرينيات، يطلعونني على صورة لنجم مشهور ويقولون انهم يرغبون أن يصبحوا بهذا الشكل”. ربما يكون الجمال الكوري المثالي قد تمثل من خلال هؤلاء النجوم الشباب بقسماتهم الدقيقة التي عززتها الجراحة التجميلية، وبشرتهم الخزفية والشعر اللماع، ومع ذلك، يقول جون أن هناك عمليات يرفض إجراءها.
 
صناعة التجميل
اكتظت محطات المترو في حي كانغنام بملصقات اعلانية للعيادات التجميلية، لكن بعض الكوريين يشعرون بأن الأمر قد فاق الحدود، فبعد ورود أكثر من ألف شكوى حول كون هذه الاعلانات “تمثل صورة غير صحية ومشوهة”، وفقا لصحيفة محلية، اضطرت إدارة مترو سيئول الى إلغاء جميع عقودها مع 
المعلنين. 
وفقا لاحصائيات بعض العيادات، فإن 80 بالمئة من زبائنهم هم من النساء، اذ تميل “الأكبر سناً”منهن الى عدم اتخاذ نجمات البوب كأمثلة لهن، وبدلاً من ذلك، يركزن، وفي المقام الأول، على تدابير لمحاربة الشيخوخة، فبدءاً من سن أواسط الثلاثينيات، تبدأ النساء الكوريات بالاعتماد على حقن البوتوكس والحشو للظهور بمظهر أصغر سناً مع ذلك، لا يزال هناك عدد متزايد من الرجال، ممن يبدون اهتماماً غير اعتيادي بصناعة 
التجميل. 
تقول كيم ميونغ هي (59)عاماً، ربة بيت تسكن سيئول، وهي مستلقية لأخذ حقنة بوتوكس، حالها حال جميع رفيقاتها اللواتي يأخذنها لإخفاء التجاعيد حول العينين والجبهة، بأن: “مطلوب من النساء، على الدوام، بذل ما بوسعهن للمحافظة على مظهرهن” مضيفة “وسأحرص على القيام بهذه العملية لبقية 
حياتي”.
*مجلة دير شبيغل الألمانية