بيروت: جبار عودة الخطاط
بعد يوم من الصدمة التي أحدثتها فاجعة تفجير أجهزة الاتصال (البايجر) في مناطق مختلفة في لبنان؛ والتي شكّلت تصعيدًا هو الأخطر منذ الثامن من تشرين الأول من العام الماضي، لملم اللبنانيون جراحاتهم؛ وشرعت الجهات المعنية لاستيعاب وتقييم ما حصل تمهيدًا للتعاطي مع تداعياته، بينما نعى حزب الله 12 شهيدًا من عناصره متوعدًا إسرائيل بـ"حساب عسير".
هذه العملية الكارثية جاءت في سياق تهديدات إسرائيلية بتوسيع عملياتها ضد لبنان، وواضح أنَّ الإدارة الأميركية فشلت في لجم نتنياهو عن تنفيذ سيناريوهات اعتداءاته على لبنان، وتقول واشنطن إنها غير ضالعة في هذه العملية الكارثية التي تركت العديد من علامات الاستفهام عن كيفية زرع المواد المتفجرة في نواة الأجهزة المذكورة، حيث نقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول أميركي تأكيده أنَّ "إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بعملية تفجير أجهزة الاتصال في لبنان بعد إتمامها"، مشيرًا إلى أنَّ "إسرائيل أبلغت واشنطن بتنفيذ العملية بإخفاء كمية قليلة من مواد متفجرة داخل أجهزة البيجر".
وتبقى الأنظار شاخصة الآن صوب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي من المنتظر أن تكون له اليوم الخميس إطلالة تلفازية الساعة الخامسة عصرًا، ويتساءل مراقبون عن الرد المنتظر للحزب بعد أن طالت الإصابات المئات من عناصره بواسطة تفجير جهاز الاستدعاء الذي أسفر حتى الآن عن ارتقاء 12 شهيداً وإصابة أكثر من 2750 مصابًا، وفق بيانات لحزب الله، كما أعلن الحزب أنَّ "المقاومة الإسلامية في لبنان ستواصل اليوم كما في كل الأيام الماضية عملياتها المباركة لإسناد غزة وأهلها ومقاومتها وللدفاع عن لبنان وشعبه وسيادته، هذا المسار متواصل ومنفصل عن الحساب العسير الذي يجب أن ينتظره العدو المجرم على مجزرته يوم الثلاثاء التي ارتكبها بحق شعبنا وأهلنا ومجاهدينا في لبنان، فهذا حساب آخر وآتٍ إن شاء الله"، بينما أشار حسين الخليل المعاون السياسي لأمين عام حزب الله إلى أنه "لاحقين عالرد"، وعلى العدو أن يتوقع من لبنان كل شيء بعد الجرائم التي ارتكبها بحق اللبنانيين.
في الأثناء حذرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، من "أنَّ سلسلة انفجارات أجهزة الاتصال، تشكل (تصعيداً مقلقاً للغاية) بعد نحو عام من اندلاع النزاع"، بدوره أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريح له تعليقاً على العدوان الإسرائيلي المذكور إلى أنَّ "ديدن الاحتلال الصهيوني ومستوياته الأمنية والعسكرية والسياسية، الغدر، والإرهاب، والقتل الجبان على نحو يخالف كل القواعد الأخلاقية والقانونية والإنسانية".
وشدد بري على أنَّ "ما أقدم عليه الكيان عصر الثلاثاء لا يرقى إلى مستوى المجزرة فحسب، إنما هو جريمة حرب موصوفة لم يعد جائزاً من المجتمع الدولي الاكتفاء بعبارات الإدانة والشجب والاستنكار، وأنَّ العالم بأسره مدعو إلى تحرك عاجل للجم آلة الإرهاب الإسرائيلي التي استمرت على هذا النحو من التفلت والإجرام".
إلى ذلك، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مسؤولين مطلعين من بينهم أميركيون، إلى أنَّ إسرائيل أخفت مواد متفجرة داخل أجهزة النداء المصنوعة في تايوان وتم استيرادها إلى لبنان، وأضافت الصحيفة نقلا عن مسؤولين مطلعين من بينهم أميركيون، أنه تم إخفاء الشحنات المتفجرة التي لم يتجاوز وزنها "أونصة" واحدة إلى اثنتين بجوار البطارية في كل جهاز للنداء، كما تم تضمينها مفاتيح يمكن تفعيلها من أجل التفجير عن بعد، ولفتت إلى أنَّ "الهجوم باستخدام أجهزة النداء بدأ من خلال إرسال الأجهزة رسالة في البداية لتبدو وكأنها قادمة من قيادات حزب الله، وبدأت تلك الرسالة بتفعيل الشحنة المتفجرة"، في حين أفاد مؤسس شركة "غولد أبولو"، بأنَّ "الأجهزة التي انفجرت بلبنان صنعتها شركة في أوروبا لها حق استخدام علامتنا التجارية".
في غضون ذلك، أعلنت السفارة الإيرانية في لبنان أمس الأربعاء، أنَّ "ما يُتداول حول صحة السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني شائعات ومعلومات غير صحيحة"، وأضافت السفارة "نُبلّغ المواطنين الأعزاء ووسائل الإعلام أنَّ مرحلة علاج السفير تتم بشكل جيد وأنَّ ما جرى نشره من شائعات حول حالته الصحية وعينيه لا يمتّ للصحة بصلة"، يذكر أنَّ السفير أماني كان من جملة مصابي تفجيرات أجهزة (البايجر) وحالته كما تؤكد السفارة مستقرة.