لبنان وحرب التوحش..

قضايا عربية ودولية 2024/09/26
...

علي حسن الفواز

ليس غريباً أن يراهن الكيان الصهيوني على خيار العدوان، وأن يجعل من السياسة جزءاً مسلحاً منه، متورطاً  في التوحش، وفي صياغة قواعد اشتباك لا حدود له، ليضع العالم أمام نوع آخر لحروب الفاشست، فما يحدث في غزة من جرائم بشعة للقتل العنصري الشامل، تدميراً وتخريباً وعزلاً، يتواصل اليوم في لبنان بذات الكراهية والتوحش، وكأن هذا الكيان مُصِرٌ على جعل فضائحه وجرائمه "إعلاناً" لتسويغ الجريمة الدولية دون رادعٍ من أحد، وأن يضع تصورات الليبراليين الجدد وأصحاب اليمين المتطرف في سياق إجرائي لتنفيذ مشروعي " توازن الرعب" و"الشرق الأوسط الجديد" وعلى أسس تتجذر فيها المركزية الغربية، وأوهام التعالي والغطرسة، واستعادة قهرية لثنائية "العبد والسيد" الهيغلية..
لعبة الأوهام المتوحشة التي يلعبها الكيان تُثير أسئلة عن علاقتها بتضخيم فوبيا الحرب النفسية، والإشاعات التي تصنعها مطابخ "الدعاية" التي لا تختلف كثيراً عن الدعاية النازية، لكن السؤال الأكثر التباساً هو علاقة عدوانية الكيان الصهيوني بسياسات الولايات المتحدة والغرب، وبالحماية التي يحظى بها، فما يتعرّض له السكان المدنيون من قصف عشوائي ومن تهجير ونزوح من مناطقهم يكشف عن خفايا الحماية الدولية لجرائمه، ويجعل من خطاب "حقوق الإنسان" واحترام مبادئ المجتمع الدولي" وكأنها مواد في درس الإنشاء، أو في ثقافات الاستهلاك الثقافي والإنثربولوجي، فازدواجية المعايير تحولت إلى سلوك في الانفصام السياسي والأخلاقي، حتى بات الكيان الصهيوني خارج التصنيف، وبعيداً عن الحساب والعقوبات والنقد..
يعدّ الهجوم البشع على جنوب لبنان جريمة حرب فاضحة، وسقوط الضحايا من الشهداء والجرحى أكد سياسة "حرب التوحش" مثلما كشف عن أهداف الكيان في تحويل "الشرق الأوسط" إلى جغرافيا للجحيم، وفي تنفيذ أجندة خطيرة ذات سياسات أمنية وعنصرية، بدأت بـ "اغتيال قادة المقاومة" و" حرب البيجر" وتواصلت مع العدوان الواسع الذي راح ضحيته المئات، والذي سوّقت له حكومة "النتن ياهو" على أنه إجراءات في "تغيير موازين القوى" وفرض سياسة الإخضاع على الجميع، في معالجة ملفات تخص فرض الطرد والتهجير الفلسطيني، وملف السيطرة على الغاز المشترك مع لبنان، فضلاً عن مشكلات الملف النووي الإيراني، وهي قضايا تظل شائكة ومعقدة،  ومهددة للأمن والسلم الدوليين، وهذا ما يجعل المخفي في هذا العدوان ليس بعيداً عن الدور الأميركي الذي يجعل من جرائم الكيان الصهيوني داخلة في أجندة فرض واقع دولي، وشرق أوسط تديره المصالح والشركات وأجهزة المخابرات الدولية,,,