شعر وسرد وحوارات نقديَّة

ثقافة 2024/09/29
...

=

  جاكلين سلام*

المهرجان العالمي للمؤلفين في تورنتو لعام 2024 يجري في مدينة تورنتو الكندية كل عام في أيلول. ويقع بين يوم 19 - 29 أيلول هذا العام 2024. 

حضرت عدة لقاءات مع كتاب من كندا وأمريكا واوربا/ العالم في اليوم الأول والثاني. وكان لي شرف المشاركة في هذا المهرجان عام 2023. وأحضر هذا العام فقط كصحفية لديها شغف وفضول المعرفة. وهذه بعض ملاحظاتي ومشاهداتي:

1 - جلسات اللقاء والحوارات ليس فيه إلقاء خطابات طويلة وأوراق بحث قصيدة النثر والرواية والتجريب وحكايات مضى عليها نصف قرن. إلقاء كلمة من قبل كاتب أياً يكن مقامه(هو- هي) حتى مارغريت أتوود لا يتجاوز ١٠ دقائق لا أكثر. كانت كلمتها في افتتاح جلسة عن حماية البيئة وخطر التلوث البيئي قصيرة. وكانت الجلسة تكريما وتذكارا لزوج الراحل غريم غيبسون الذي رحل عام 2019، وهو كاتب وروائي كندي معروف، وكان ناشطا في حقل حماية البيئة والعمل على الحد من التلوث، وهو مع شريكة حياته أتوود وغيرهم هم من أسسوا اتحاد كتاب كندا في السبعينات من القرن 20. 

2 - هناك جلسات حوار حول الأفكار  محددة مسبقا وحول كتب نشرت حديثا، وكل الجلسات قصيرة من ساعة إلى ساعة ونصف كحد أقصى، تجرى فيها محاورة كاتب أو كاتبين معا وليس أكثر. 

3 - الذي يحاور ويطرح الأسئلة لديه إطلاع جيد على الكتاب الذي يتم الحديث عنه، ولديه اطلاع على الموضوع المطروح للحوار، وليست اسئلة عمومية كمثل( ما رأيك بقصيدة النثر، هل هي شرعية أم لقيطة ومستوردة؟) 

4 - التقديم للمشاركين في أي حلقة يكون مختصرا جدا في ما يخص السيرة الإبداعية.  الاسئلة مباشرة وواضحة، الإجابات تعتمد على ذكاء الشخص ومدى معرفته بالموضوع المطروح. ولا يوجد تسفيه ولا تمجيد فارط وفاقع لأي كان، ولا تقليل من أهمية أي منتج. المبالغة السلبية والايجابية تنقلب إلى ضدها أحيانا وأراها تحدث في مراكز ثقافية عربية. 

في جلسة مدتها ساعة، يعطى للحضور حوالي 15 دقيقة للتعقيب والسؤال. ثم يتم توقيع الكتب في ساحة خارج الصالون. أصابتني الغيرة أو الحسرة، حين رأيت طابور الواقفين وبيدهم الكتب للحصول على توقيع الكاتبة. ذهبت كي ألتقط صورا للكاتبة، فقال لي رجل يقف هناك كما لو أنه حارس: ( التصوير ممنوع) 

قلت له: أنا أصور الكاتبة وفقط وليس أنت أو هو ممن يشترون الكتب. ابتسمت وخرجت مستغربة، لأنني في سنوات عدة كنت أحضر هذا المهرجان وألتقط الصور، ولم يكن هناك أي تحذير. 

طبعا، امتعضت. أنا صحفية وأريد أن ألتقط صورا في مثل هذه المناسبات. 

هامش ومقاربات: بخصوص الوقت والسيرة الأدبية وجلسات عربية: مرة حضرت ندوة اونلاين، كانت تقام في بلد عربي. كان هناك وقت للدكتورة (س)  كي تقدم نفسها للحضور، وبدأت تتكلم عن انجازاتها منذ كانت في الابتدائية، وكيف اخذت شهادة حسن سلوك وشهادة في الطبخ وشهادة في العمل الطوعي، ثم عددت اسماء الأبحاث التي كتبتها وعناوين الكتب، ورغم أنها حائزة على شهادة دكتوراه في الأدب وليست بحاجة الى هذه القافلة من التذكارات، التي تستهلك وقت المستمع ولا تفيده في شيء علمي أو أدبي أو فكري. يعني استهلكت وقتي وتثاءبت وخرجت من الجلسة ولم أحضر ثانية جلسة اونلاين. 

5 - يحضر المشاركون على الموعد الى الصالة بالتوقيت المحدد تماما ويغادرون القاعة كما هو محدد في الجدول. وبعض الحضور الذين يتأخرون في دخول الصالة، يقوم متطوعون بأخذهم إلى المقاعد الفارغة في الخلف وبهدوء شديد كي لا تتم مقاطعة المتحاورين. حتى في جلسات النهار، تكون اللقاءات في غرف معتمة كما صالات السينما، والأضواء مسلطة فقط على المسرح حين يجري الحوار. كرسي أبيض من الجلد، وطاولة صغيرة ومزهرة فيها وردتان أو ثلاثة وفقط. وهناك ماء لكل محاضر.

6 - الحضور يدفع ثمن التذاكر لكل جلسة أو يشتري تذكرة  يوم كامل لحضور جلسات النهار كله على تنوعها. أنا اشتريت بطاقة عبور لكل أيام المهرجان. وأحاول أن ـ أفهم شيئاً جديداً من أي حوار.

وسوف يجد كل شخص موضوعا يهمه في هذا الحقل الإبداعي او ذاك. حضور الشباب اقل بكثير من عدد كبار السن أو المتقدمين في العمر. هذا يعني أن القراءة عند جيل الشباب تنحسر في كل مكان بسبب استخدام الموبايل والتكنولوجيا الحديثة التي تقدم الكتاب المسموع، واللقاءات صوتا وصورة- اونلاين.

7 - حضرت جلسة البيئة والتلوث تحدثت فيها الكاتبة مارغريت اتوود عن أهمية هذا الموضوع، وثم دار النقاش بين كتاب وناشطين في هذا الحقل، ودار الحوار المذيعة والكاتبة المعروفة (نهلة عايد)، التي تقدم برنامج أفكار في راديو كندا سي بي سي .

8 - الكتب الصادرة بالإنكليزية متواجدة في ساحة للبيع داخل المبنى، وهناك ركن في ساحة هاربرفرونت سنتر  لبيع الكتب الخاصة بدور النشر الصغيرة وبلغات غير الإنكليزية، ومنها العربية لعرض بعض الكتب العربية للبيع. وسيكون ديواني الجديد (أشجار إنخيدوانا) متوفرا للبيع هناك.

خاص للجالية العربية في تورنتو: يوم ٢٨ سبتمبر سيكون مخصصا في حيز كبير منه للأدب العربي، سيحضر الكاتب العراقي سنان انطون، والروائية المصرية الكندية نور نجى، داني رمضان، وهناك الشعر المحكي لأصوت من الإمارات. وفي يوم آخر هناك جلسة حوار ستجري مع الكاتب اللبناني الكندي رجا خوري وضيوف آخرين، وسيكون محورها ما يحدث في المنطقة العربية وكيف نتحاور في مثل هذه الظروف.

هذه المهرجانات هي فرصة كبيرة لدور النشر التي تبيع كتبا بأعداد هائلة وحسب شهرة الكاتب، الذي يتم استقدامه سواء من كندا أو من أوروبا وأمريكا. وكل مشارك في الجلسات يحصل على مكافأة مادية معينة مسبقاً. ولا يطلب منه سوى الحضور بأفكاره كلها وروحه العالية. وهناك غرفة مخصصة للكتاب حيث يجدون شرابا وبعض السندويشات الخفيفة وماء وقهوة وعصير ونبيذ. وهناك كان لي فرصة اللقاء بعدد من كتاب العالم وكندا في سنوات سابقة. 

ومن الأسماء التي يحتفى بحضورها الشاعر والروائي الكبير مايكل اونداتجي صاحب رواية المريض الانكليزي، والذي عاد هذا العالم الى إصدار مجموعة شعرية جديدة، ويعتبر واحدا من القامات الفاعلة والمميزة في الأدب الكندي. قصيدته الأخيرة تأخذ شكلا سردياً حكائيا على شكل كتلة تلوذ بالقص وتمسك خيط الشعر برهافة.


*كاتبة سورية من كندا