ولادة مخرج في {ضربة شمس}

ثقافة 2024/09/30
...

علي حمود الحسن    

أعدت مشاهدة فيلم "ضربة شمس"، باكورة أعمال محمد خان الذي أنتجه وتقاسم بطولته مع نورا وحسين الشربيني ونور الشريف، وأدار تصويره سعيد الشيمي، وعلى الرغم من إنتاجه في العام 1978، إلا أنه ما زال يتمتع بحيوية أحداثه وسرده الشيق، يومئذ عاد خان من لندن وكان يطمح لإخراج فيلم مختلف عن السائد من الأفلام، فالتجأ إلى صديق طفولته  سعيد الشيمي، الذي لم يقتنع بسيناريو كتبه خان، واقترح عليه قصة أخرى مشوقة، نقتفي من خلالها أثر شمس المصور الصحفي (نور الشريف) العاشق لمهنته والمتفاني في عمله، الذي يلتقط صورة بالمصادفة، تجعله متورطاً مع عصابة تهريب آثار وعملة البلد، تحاول العصابة قتله ومن خلال
صراع ومطاردات، يتمكن من كشفهم وتسليم الآثار لرجال الشرطة، كتب خان السيناريو بمشاركة السيناريست فائز غالي، وعلى الرغم من إعجاب المنتجين بالسيناريو، إلا أنهم أحجموا عن إنتاجه لعدم معرفتهم بمخرجه، فقرر خان والشيمي - وقتها كان مصوراً للأفلام التسجيلية- إقناع أحد النجوم بتبني المشروع، فقصدا نور الشريف الذي تحمس للفكرة، وأنتج الفيلم، لكنه اعترض على سعيد الشيمي، إلا أن خان أقنعه أن الشيمي هو الأصلح للفيلم، لأنه يستطيع التصوير في الشوارع والأماكن المفتوحة، بحكم عمله في الأفلام الوثائقية، نجح الفيلم نجاحاً باهراً، وكسبت السينما المصرية مخرجاً واقعياً متميزاً ومدير تصوير
مبتكراً.
اعتمد خان أسلوباً - سيصبح علامته الفارقة- يجمع بين الواقعية والاهتمام بالبعد الاجتماعي من خلال قصص لشخصيات عادية والاهتمام بأدق تفاصيلها، فالمصور الصحفي شمس لا يستطيع الزواج من نور (نورا)، لضيق ذات اليد، وهو يستخدم دراجة نارية في تجواله، وكل أحلامه النجاح في عمله والزواج
من نور.
ينتمي "ضربة شمس" إلى الأفلام البوليسية التي تزخر بالمطاردات والمعارك والتشويق، فكان إيقاع الفيلم متسارعاً. واستطاع الممثلون أن يقدموا أداءً جيداً، خصوصاً نور الشريف ونورا وليلى فوزي وحسين الشربيني، وبذل مدير التصوير جهوداً جبارة للتصوير في الشوارع، موظفاً الإضاءة الطبيعية، واستخدام الألوان بطريقة مبتكرة، فضلا ًعن حسن إدارته للكاميرا خلال
المطاردات.
وعلى الرغم من موهبة خان وعبقريته التي تجلت في الكثير من أفلامه، إلا أن أحداث "ضربة شمس" تحيلك إلى فيلم المخرج الايطالي مايكل انجلو  أنطونيوني الشهير "انفجار"(1966) فالبطلان في الفيلمين كلاهما مصور فوتوغرافي، يلتقطان صورة بمحض الصدفة تقودهما إلى آثار جريمة، والاثنان يحملان وازعاً أخلاقياً يجعلهما يضحيان بوقتهما ويعرضان نفسيهما للخطر لكشف الجريمة، والمخرجان في الفيلمين اعتمدا أسلوباً بوليسياً غامضاً
وشيقاً.