العدوان والإعلام الغربي

قضايا عربية ودولية 2024/10/10
...

علي حسن الفواز

حين يفقد الإعلام موضوعيته ومهنيته، يتحول إلى أداة أو واسطة لتغطية الأحداث والوقائع من وجهة نظر محددة، واعتماد عناصر مراوغة في الإثارة والتشويق تهدف إلى غمط الحقائق، وتحويل الحدث إلى ما يشبه سينما الخيال العلمي.
ما نتابعه من أخبار وتقارير تبثها وسائل الإعلام الفرنسية - مثلا - يكشف كثيرا من اللاموضوعية، وربما القصدية في تغطية يوميات العدوان على غزة وجنوب لبنان، إذ تتحول الأخبار التلفازية وصورها  إلى مادة إعلامية لترويج القوة "الصهيونية" وللإعجاب بحربها التقنية في قتل الآخرين، وفي انتهاك حقوقهم المدنية في الحياة والأمن، لاسيما في نقل أخبار تفجيرات أجهزة الاتصال، وجريمة اغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله، إذ تفضح هذه القصدية لا حيادية هذا الإعلام، فتجعل من "التفوق التقني" لسلاح الجو الصهيوني عنوانا لفاعلية حروب التنكولوجيا الحديثة وأثرها في تغيير قواعد الاشتباك، وفي فرض السيطرة، وإشاعة الرعب، وفي إحداث الدمار والخراب في القطاعات المدنية، وفي قتل المدنيين من الأطفال والنساء وعمال الإغاثة والصحة وغيرها.
قد يكون الإعلام الفرنسي أنموذجا لما تبثه أغلب وسائل الإعلام الغربي، في التعاطي مع أزمات وصراعات الشرق الأوسط، ومع الحروب الأهلية العربية، لكن تغطية ما يجري من  عدوان سافر على غزة وبيروت يكشف عن مواقف انتهازية، وعن سياسات تجاوزت الخطوط الحمر، فتضعنا إزاء معطيات فاجعة وخادعة، وإزاء التركيز على صياغات تقوم على الإبهار والإثارة، وبأشكال  تتفاضح فيها لا أخلاقية وعنصرية ذلك العدوان، وعلى نحوٍ يهدف إلى صناعة خطاب إعلامي يخدم مصالح الغرب والستراتيجيات الأميركية، إذ تتبدى عبره مظاهر وصور موازية تتضخم فيها "القدرة التقنية" للصهاينة، وإكراهات الدعاية التي تدعم بروباغندا الكيان الصهيوني، والتخفيف من انتكاساته العسكرية وعدم قدرته على تحقيق أي نصر مزعوم..
حرب الإعلام والتكنولوجيا لا تغمط الحقيقة، فبقدر ما تكون الدعاية الغربية ضاغطة في ترويجها وتزويقها، وفي جعل العدوان الوحشي والقتل الممنهج للمدنيين وتدمير المدن نوعا من "الدفاع عن النفس" كما تقول مؤسسة العسكرة الصهيونية، فإن الحكم الأخلاقي والقانوني على ما يجري ليس غائبا بالكامل عن المحافل العالمية، مثل التظاهرات الواسعة الرافضة لهذا العدوان، كما أن مواقف بعض الدول في الأمم المتحدة تفضح سياسات الضغط والإكراه والتهديد التي يمارسها الكيان الصهيوني، ومن خلفه مؤسسات الإعلام الغربي التي فقدت كثيرا من مصداقيتها ومهنيتها.