د. حسين القاصد
في الوقت الذي شددت فيه مديريَّة المرور العامة من خلال قراراتها الجديدة لضمان انسيابيَّة المرور وسلامة المواطنين، في هذا الوقت تحديداً، كنا نتمنى علاجاً جذرياً لظاهرة إنصاف السيارات، أو السيارات
الهجينة.
فبعد أنْ اختنقت الشوارع بعدد هائلٍ ومخيفٍ من الدراجات الناريَّة التي يقودها صبية، وأحياناً أطفالٌ صغارٌ جداً، يمارسون الألعاب البهلوانيَّة في جميع الشوارع، ويعبثون بأمان الشارع وسالكيه من سيارات وسابلة؛ بعد كل هذا الانفلات الذي يقوم به أصحاب الدراجات، حين يجعلون الدراجة تسير على عجلة واحدة
، أو يرفعون من أصوات محركاتها لدرجة تثير الهلع والخوف, وجد المواطن نفسه أمام أزمة أخرى انتشرت وتفاقمت بشكل سريع، وهي أزمة ظهور (الستوتة) وهي مرحلة وسطى بين السيارة والدراجة، بعد أنْ تم تحوير الدراجة لجعلها تقترب من إمكانية سيارات الحمل الصغيرة (البيك اب)؛ ولقد تسببت هذه (المركبة الهجينة) بعشرات الحوادث
المروريَّة؛
وذلك لأنَّ سائقيها ليسوا سائقي سيارات، لكنهم يتسابقون مع السيارات ويتعاملون مع واقع حال جديد، هو انهم يركبون (سيارة) لا تقل شأناً عن بقية السيارات؛ ولم نرَ أي إجراء من الجهات المعنية للحد من ظاهرة (الستوتة) حتى أصيبت الستوتة بالخيبة بعد ظهور تحديث جديد للسيارات المشوهة، صارت بموجبه الستوتة بحكم التراث لهذا التحديث.
التحديث الجديد هو سيارة هجينة، مطورة عن الستوتة التي هي ابنة الدراجة
أصلاً!!
أما سرّ انها مطورة فيكمن في أنَّ الستوتة تُستعملُ لنقل البضائع وهي - كما أسلفت - سيارة حمل مشوهة، بينما يمتاز التحديث الجديد بأنه أعلى رتبة من الستوتة وأشرف منزلة، وهذا التحديث يطلق عليه اسم (التكتك) وهو مخصص لنقل
الركاب.
يتفنن العراقيون في التسميات، لا سيما تسميات السيارات، فلقد شاعت أسماء للسيارات مثل (الدولفين) و(راس الثور) و(ليلى علوي) و(أوباما)... وغيرها من الأسماء التي ابتكرها السواقون وشاعت جداً؛ أما (الستوتة) فاظنها بالزاي (زتوتة) لأنها من المفترض أنْ تقطع مسافة قصيرة، واعتاد العراقيون أنْ (يزتّ) أحدهما الآخر، أي يوصله، وأما التكتك فأغلب الظن هو أنَّ هذا اسمٌ مشتقٌ من صوت هذه المركبة الهجينة، التي انتشرت بشكلٍ مذهلٍ وأخذت تخنقُ الطرق وتسيرُ عكس السير، وتمارسُ (تكتكتها) بمنتهى الحريَّة
والعبث.
لا بدَّ من إجراءٍ حازمٍ للحد من هذا الانتهاك الصارخ للشوارع وانتظام سيرها، ولا بدَّ من قرارات رادعة ضد كل من يلوح بالعشائريَّة ضد تطبيق القانون بحق العابثين والمعرقلين لانسيابيَّة المرور؛ فلقد شاعَ مؤخراً انتشار التدخل العشائري في الحوادث المروريَّة التي يتسببُ بها أصحابُ الدراجات وأصحاب بنات الدراجات من الستوتة والتكتك وغيرها.