بغداد: سرور العلي
نجحت ضحى سفيان، طبيبة وكاتبة روائية من الموصل، بإنجاز رواية بعنوان (رهائن الموت)، لما عاشته من أحداث وظروف سقوط مدينتها بيد براثن الإرهاب، ثم تحريرها وما رافقها من رعب ودمار ومعاناة، ومن ثم فرحة الخلاص والولادة من جديد.
وعن ذلك تحدثت لـ (الصباح): "بداياتي في الكتابة كانت بعد سنين من القراءة والمطالعة لكتب كثيرة ومتنوعة، انطلقت مع أول كلمات تعلمتها، وأصبحت أطمح لمعرفة وتعلم المزيد، فاكتسبت خبرة ومهارة مما قرأت واطلعت، لتتكون لدي ملكة أدبية مكنتني من التعبير عن مشاعري، وكانت أولها كتابة بضعة أبيات شعرية، تبوح بها الروح بما يحزنها حين سقطت مدينة الموصل، ومن ثم أخدت بتسجيل مذكرات ويوميات المدينة، وأبرز أحداثها، وهذا ما عدت إليه لاحقاً، ودونته في روايتي "رهائن الموت".
مضيفة "أنجزت تلك الرواية عندما كنت لا أزال طالبة في الطب، ونشرتها مباشرة بعد التخرج، فكنت استثمر العطل الصيفية للكتابة، ومن ثم المراجعة والتعديل، للوصول إلى عمل يستحق أن يعطيه القارئ من وقته وتفكيره".
تشير ضحى إلى أن الرواية هي جولة في مدينة الموصل وقت سقوطها، ومن ثم تحريرها لتتزامن أحداثها مع تلك الحقبة الزمنية، وتنقلنا للعيش فيها، كأننا جزء من الحكاية وهي تسجيل لما عشناه أو عاشته المدينة، بقصة تروى وتدون لجزء من التاريخ، بمعايشة كاملة لأحداثه، فتمر على الظروف المعيشية، وقت احتلال المدينة وأحوال السكان، وقصص التحرير والهروب، والعقوبات التي فرضت، والسجن والليالي المظلمة فيه، والطعام والشراب والتعليم هناك، مروراً ببعض أسباب السقوط، وعوامل أدت لسيطرة الجماعات التكفيرية، وصولاً للنهاية والخلاص منها في قصة طالبتين جامعيتين، إحداهما في كلية الطب، والأخرى في الهندسة، والرعب الذي عاشتاه مع أسرتيهما أثناء التحرير وأخذهم رهائن حتى عودة الحياة بشكل طبيعي.
ووفقاً لها فإن الهدف منها هو نقل الصورة الحية بالكامل، وتسجيل جزء من التاريخ ممن عاشه وتوجيه رسالة لكل من يقرأها، ومن قلب مدينة عانت ما عانته، خاصة للشباب وأسرهم، لليقظة والحذر في بحثهم عن السبيل، وكي يهتم الإنسان بما يصدره من أفكار لأولاده، كي لا ينجرفوا لأي تيار، والبحث في أسباب ما
حصل لأخذ العبرة منها، وبالرغم من انشغالها في الكتابة إلا أن ذلك لم يمنع من تفوقها في ميدان الطب، ومواصلة عملها فيه من دون صعوبات.
مؤكدة "وصلتني العديد من الرسائل، التي تنقل اعجاب القراء وتأثرهم بما جاء فيها".
كان هذا العمل بالنسبة لها تحدياً كبيراً، إذ أعادت ذكريات الألم وكتبت عنه، وعاشته في مخيلتها من جديد في الوقت الذي شكلت فيه تلك الأيام صدمة، ما أصابها بالحزن والكآبة، وحصلت الرواية على العديد من المراجعات الإيجابية من شخصيات مرموقة، كرئيس جامعة الموصل الدكتور قصي الأحمدي، الذي أشاد بها واستضافها لمعرفة المزيد عنها، كذلك نالت اهتمام لجنة الكتاب والأدباء الذين عُرِضت عليهم، من قبل دار وتر للنشر قبل نشرها، إضافة إلى العديد من الأدباء والقراء والمثقفين.
ولفتت ضحى إلى أن الرواية في الواقع مقتبسة من أحداث حقيقية، وهي قصة تحرير صديقة لها، اتصلت بها سراً بعد تحريرها للاطمئنان عليها، فروت لها ما حصل معهم، وهم ما زالوا لم يتحرروا بعد، وتأثرت بما قالته من أحداث، لتفكر فيما بعد بإمكانية تحويلها لعمل أدبي، وما شجعها على تحقيق ذلك، هو عدم معرفة الآخرين بما دار من أحداث في المدينة وظروفها، وموقف سكانها، لذا كان هذا العمل إجابة عن هذه التساؤلات.
وتسعى ضحى لإنجاز المزيد من الأعمال الأدبية، والمشاركة في الأندية والمهرجانات الثقافية.