سفر مع الدخان

ثقافة 2024/10/22
...

 بغداد: الصباح

تذكر د. علياء الداية في مقدمة كتاب "الأعمال الشعرية" لوديع سعادة: كل ما نراه لدى وديع سعادة يقدم نوعاً من الحوار المضمر، وراء كل نص يوجد قصد ما، طريق أو ممر آخر . تستكين إليه الشخوص. وعلى الرغم من تنوع الأسلوب من ضمير المتكلم، إلى ضمير المخاطب، أو ضمير الغائب، فإن هناك وحدة تساؤل الإنسان عن مصيره، وعن الهيئة التي يتبدى الكون فيها.
ومن عناوين القصائد في الكتاب: ليس للماء إخوة، مقعد راكب غادر الباص، بسبب غيمة على الأرجح، نص الغياب، رتق الغبار، من أخذ النظرة التي تركتها على الباب؟ ، قل للعابر أن يعود نسي هنا ظله، وغيرها. ويقول الشاعر في نص "السفر إلى أثينا": "كانت تمطر وننتظر البواشق/ قبل أن نقرر متابعة الطريق/ إلى صديقين في أثينا: جاد وسركون/ أحدهم يصرخ في وجهي/ مطلوب قدم شاغرة/ للحدائق العامة/ عمل كامل بلا معاش/ أخذت فرصة وهنا أنا ذاهب إلى أصدقائي/ يقال هناك أكروبول/ يتسع لثلاثة سكيرين".
أما في نص "السهر مع شارك شهوان" فيقول سعادة: "بعد محاولات كثيرة/ وسقوط ريف بكامل سكانه/ العالم مجدداً/ وصديق/ أربط معه بقية النهار بشرفة/ صديق يضع عادة ساحلاً/ في جيبه/ بين مجموعة من الآلام والقصائد/ لكننا/ ونحن نعبر الجسر/ عثرنا على فك ديناصور/ وحذاء متسكع يتابع السير/ بعد توقف
صاحبه".
وفي "سفر مع الدخان" نقرأ لسعادة: في الرقم عشرة من شارع لوريكيت في سيدني/ أدخن الآن سيكارة وأقول/ فعلت عملاً رائعاً اليوم/ أخرجت من فمي دخاناً ونظرت إلى الدخان/ الدخان عمل جميل/ وعمل جميل هو النظر/ وأنا لدي كلاهما، فيا لجمال حياتي/ كنت مخطئاً حين ظننت أن الفم موقدة مطفأة/ أو فقط للكلام/ وأن النظر ليس إنجازاً رائعاً/ كنت مخطئاً حين اعتقدت أني/ في الغرفة الضيقة/ ليس في وسعي أن أنتش في كل الشارع بدخاني ونظراتي/ ومخطئاً كذلك/ حين حاولت أن أنزع ذراعي/ وأضع مكانهما ريشاً/ كي أصير عصفوراً/ وأن أنزع بعد ذلك الريش/ كي أصير نسيماً/ كان يمكنني أن أفعل كل ذلك/ في الدخان الذي يخرج من فمي/ وفي النظرة التي تتبع
الدخان".