العدوان العسكري والفشل السياسي

قضايا عربية ودولية 2024/10/27
...

علي حسن الفواز



ماذا بعد العدوان الصهيوني على إيران؟ وما هي تداعياته السياسية والأمنية؟ وهل ثمة واقع جديد سيتشكل في ضوء ما تفرضه المعطيات الأمنية من مواقف وإجراءات؟

هذه الأسئلة وغيرها باتت مطروحة على طاولات الجميع، فالايرانيون, وهذا حقهم، يجدون أنفسهم أمام مسؤولية ردٍّ عسكري على هذا العدوان، ومن منطلق حقهم في الدفاع عن أرضهم وسيادتهم، والولايات المتحدة تدعو إلى عدم الرد والعمل على تشغيل الإجراءات الدبلوماسية لمنع تحويل الرد والرد المقابل إلى صراع إقليمي وحرب شاملة تتهدد دول المنطقة، وكذلك دعت دول الغرب الأوروبي إلى ما سماه البعض بـ"ضبط النفس" تفادياً للذهاب إلى توسيع مساحة الصراع. لكن ما يلفت النظر هو مواقف عدد من دول الخليج العربي التي استنكرت ونددت بهذا العدوان مثل المملكة العربية السعودية وعمان، والذي عدته انتهاكاً للسيادة وللقانون الدولي، مع رفضها استمرار التصعيد في المنطقة.

حديث الكيان الصهيوني عن هذا العدوان يكشف عن مأزق سياسي وأمني، وعن عدم القدرة على تحمل أعباء الاستمرار في هذا الصراع، والتعاطي مع جبهاته المتعددة، فما جرى من استهداف لمواقع عسكرية محددة هو تصرف أحمق يؤكد مدى عنجهية وغرور هذا الكيان، وطبيعة عنصرية سياساته، واستمرار عدوانه على الشعبين الفلسطيني واللبناني.

لقد بات واضحاً أن فشل الحرب الصهيونية، هو عنوان لفشل السياسة الأميركية في إدارة ملف الأزمة، وعدم منعها لجريمة  القتل المنهجي في غزة وفي جنوب لبنان وبيروت، وأن تهديدها بدعم الكيان الصهيوني ليس جديداً، وبعيداً عن مسار سياساتها في المنطقة، ورهاناتها على تغيير موازين القوى وقواعد الاشتباك، لاسيما في ظل ظروف الاستعداد للانتخابات الأميركية، والخوف من فشل الديمقراطيين في تجديد الوصول إلى كرسي الرئاسة الأميركية، وهذا ما أعطى للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة دوراً في الضغط على مرشحي الرئاسة للمجاهرة بدعم الكيان وحمايته من الأخطار التي تهدد وجوده، رغم تغوُّل هذا الكيان في حروبه الملعونة وفي سياساته العنصرية، وصولاً إلى تماديه بالعدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والادعاء بأن انتهاكها للقانون الدولي هو حماية للنفس، وهذه المجاهرة لا تجد من لا يردعها في "المجتمع الدولي" ولا حتى من قبل مجلس الأمن الذي بات متفرجاً على مذابح الشعب الفلسطيني في غزة، وفي جنوب لبنان..