قد تكون اكبر خسارة لا تعوض في حياة المرأة فقدان شريك حياتها الذي كان عونا وسندا لها، فموضوع موته امر صعب جدا عليها لايمكن ان تتقبله بسهولة، والى جانب شعورها بالوحدة بعد رحيله وتحملها اعباء الحياة الجديدة بمفردها فانها ستصطدم بالواقع المحيط بها، وتتفاجأ بحجم الاهمال الذي ستصبح فريسة له سواء من قبل عائلتها او مجتمعها، خصوصا اذا كانت تعتمد كليا في معيشتها على زوجها المتوفى وليس لها عمل خاص بها او مهنة تمارسها تسهم في توفير حياة كريمة لها ولابنائها، ستمر بأقسى تجربة في عمرها، وهي تسعى بمختلف السبل لتامين احتياجاتهم لانقاذئهم من بئر الحرمان وتحقيق الحماية لهم من النواحي كافة، وفي طريقها للوصول لذلك حتما ستتعرض لكثيرمن الانتهاكات والاذلال والمعاناة، وتتلقى مزيدا من سوء المعاملة وربما تسلب كرامتها وحقوقها وراحتها.
وقد جاء الاحتفال باليوم العالمي للارملة في 23 حزيران لتقديم الدعم المعنوي والنفسي لها، ومحاولة متابعة ظروفها وتمكينها اقتصاديا واجتماعيا وتهيئة السبل لضمان وضع مناسب لها.
في مجتمعنا العراقي نسبة عدد الارامل عالية وتشمل مختلف الاعمار، فقد تركت الحروب المتتالية وازمات البلد السياسية والصراعات الطائفية وكثير من الظواهر الاجتماعية الجديدة الطارئة عليه، شريحة واسعة منهن تستحق الاهتمام والالتفات اليها.
اذ ان الاكتفاء بتخصيص راتب متواضع لهن من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لا يغطي حجم متطلباتهن، كونه لا يشكل شيئا امام مسؤولياتهن المادية اتجاه ابنائهن، وكذلك المساعدات التي تقدم لبعضهن ضمن برامج منظمات المجتمع المدني مهما كان نوعها لاتفي بالغرض ايضا، من ناحية اخرى فان نظرة التهميش المليئة بالعطف تبقى ملاحقة لهن، واذا ما فكرت الارملة بالارتباط برجل آخر فإن المجتمع يجهز مختلف اسلحته لمحاربتها بشتى الطرق وينتقدها كثيرا اذا قررت فعلا الزواج مجددا، رغم انه حق من حقوقها والاديان السماوية تسمح لها بذلك، اذ ان المرأة التي تتفرغ لرعاية اولادها وتبقى من دون رجل توصف بالوفاء، وهذا ماحصل مع كثير من العراقيات حينما فقدن ازواجهن في حرب الثمانينيات مع ايران وضحين بشبابهن من اجل ابنائهن وصرن مثالا مشرفا في الاخلاص والعطاء.
لكن الظروف الان تغيرت واصبحت اشد قسوة على النساء والمجتمع تبدلت اخلاقه وسلوكه وقيمه، المرأة فيه تحتاج الى ان تكون قوية جدا في مواجهة ظلمه لها وتكافح بشراسة وتعمل بجهود مضاعفة كي تعيش بسلام فيه.
بالاضافة الى ذلك فقد كانت الاسر سابقا متلاحمة ولاتترك الارملة فيها تعتمد على نفسها بتسيير امورها، وهناك اكثر من يد تساعدها من دون ان تشعرها بالنقص والعوز، والجميع في عائلتها يسأل عنها ويحمل همها وفي ظلهم تنعم بالخير والامان وتحتفظ لها بمكانة محترمة وسطهم، الان تفرقت اغلب العوائل وانشغل كل فرد بحياته وشؤونه الخاصة، والنوايا لم تعد حسنة بريئة وصادقة كالماضي، كما ان الرحمة غادرت اغلب القلوب والضمائرالا ماندر منها.