د. علاء هادي الحطاب
في إطار التغطية الإعلامية للحرب الدائرة في غزة وجنوب لبنان ووسطها في الضاحية، تركز وسائل الإعلام العربية والغربية الأجنبية فضلاً عن الإعلام العبري عن مجريات الأحداث العسكرية وتفصيلاتها، وأغلب هذه المؤسسات تنحاز إلى الجانب الصهيوني الذي تدعمه وتقف معه من خلال سياستها التحريرية وهذا الأمر بات واضحاً في تغطياتها وبرامجها الإخبارية.
لكن ثمة جانب إنساني مهم جداً أغفلت عن ذكره تلك المؤسسات الإعلامية عن قصد أو غير قصد، وهو انهيار الجانب الصحي بشكل بات يمثل فضيحة أخلاقية وإنسانية كبيرة للدول والأمم والمنظمات والشعوب التي تدعي تبنيها للقضايا الإنسانية وحقوق الإنسان، فما يحصل في قطاع غزة من خلال خروج المستشفيات فيها عن الخدمة بعد قصفها واستهدافها واعتقال كوادرها، فضلاً عن انعدام أبسط مقومات ومعدات وتجهيزات عملها وسط صمت غربي وعربي وإسلامي أمر يندى له الجبين، إذ يشاهد العالم كيف يموت الطفل الرضيع والشيخ الكبير والعجوز المصابون دون وجود إمكانية لعلاجهم لفقدان أبسط الأدوية، بل العالم يشاهد كيف أن ذوي المصاب باتوا يتمنون موته وخلاصه من عذابات الألم وسط عجز تام من قبل الكادر الصحي عن تقديم أية حلول مع غياب كل مستلزماتها، فضلاً عن تعمد جيش الكيان الصهيوني ولأكثر من مرة قتل وجرح واستهداف عدد كبير منهم حتى لم يبق في مستشفيات غزة سوى ثلاث سيارات إسعاف تنقل المصابين.
ما يحصل خارج إطار كل معايير الصراعات والحروب سابقها وحاضرها، جرائم يمارسها المحتل بلا أدنى تردد، لأنه ضَمِن عدم وجود مجرد اعتراض فضلاً عن ردة فعل تصدر من بلد غربي يدعي رعايته حقوق الإنسان، أو بلد عربي ينحاز لقوميته أو دينيه.
أغفلت التغطيات الإعلامية هول ما يحصل في المستشفيات الخارجة عن الخدمة، لذا وفرت مسوِّغاً أكبر لأداة القتل الصهيونية في استهداف المؤسسة الوحيدة التي بإمكانها إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المصابين، وهذه الجريمة بات العالم شاهداً عليها وصامتاً عنها، بل وبعضهم مساعداً فيها.