الأخ الفاضل الدكتور قاسم المحترم
أنا امرأة متزوجة من تسع سنوات، مشكلتي أنَّ القلق يؤذيني، لا سيما في الليل، وأعاني من ضيقٍ في الصدر وارتجاف اليدين وضعف الشهيَّة، وأحياناً لا أتناول الطعام ليومٍ كاملٍ، الأمر الذي انعكس على علاقتي بزوجي وصرت أخاف أن أفقده
ليس هذا فقط يا دكتور بل إنَّني صرت أشرك بالله سبحانه وتعالى، أقوم بعدها أستغفر وأبكي، . تعبتُ جداً وأتعبت زوجي، فساعدوني وشكراً لكم ولجريدة الصباح.
أختكم أم طارق
السيدة أم طارق: تشير الأعراض لديك الى أنَّكِ تعانين من (الوسواس القهري). ولكِ ولقرّاء الصباح نوضح أنَّ هذا الوسواس هو اضطرابٌ نفسيٌّ يكون على نوعين شائعين: الأول وسواس قهري فكري يتجسد بسيطرة أفكار ومخاوف تدفع بصاحبها الى سلوكياتٍ مزعجة. بمعنى، أنَّ فكرة معينة تسيطر على صاحبها وتلازمه دائماً ولا يستطيع التخلص منها.
والنوع الثاني هو وسواسٌ قهريٌّ ديني، وفيه تسيطر على المصاب به كلماتٌ فيها كفرٌ أو إساءة الى الله سبحانه، أو الخوف الشديد من الموت والعقاب.
ووأضح أنَّك تعانين من كليهما (وسواس قهري فكري وديني).
ولكِ ولقرّاء الصباح أيضا نقول، إنَّ هذا الوسواس مرضٌ نفسيٌ ناتجٌ عن تفاعل عوامل بايولوجيَّة ونفسيَّة، ولا علاقة له بالوسواس الخناس، وليس ناتجاً عن قلّة الإيمان أو ضعف الشخصيَّة كما يظن كثيرون، فهو يمكن أنْ يصيبَ أي شخصٍ بغض النظر عن معتقده الديني ودرجة إيمانه، تماماً كما تحصل الإصابة بأي مرضٍ عضوي.
ويعتقد بعض المصابين به بأنَّهم ربما يأثمون نتيجة تردد وتكرار أفكار خاطئة على أذهانهم مثل الأفكار الكفريَّة كما في حالتك، أو الجنسيَّة أو أيَّة أفكار تمسُّ القيمَ الدينيَّة والاجتماعيَّة. وهذا الاعتقاد خاطئٌ أيضاً، فالمريض ليس له الخيار في التفكير بهذه الأمور وليس له القدرة على التخلص من هذه الأفكار، وهو أيضاً ليس سعيداً بها بل يعاني منها أشدَّ المعاناة، ولذلك فإنَّه لا يأثم أبداً بل يؤجر بقدر معاناته وصبره.
وفي ما يخصُّ العلاج فإنَّه نوعان: علاجٌ دوائيٌّ وعلاجٌ نفسي، كلاهما يجب أنْ يكونا تحت إشراف طبيب نفساني مختص.
وهناك ملاحظتان تخصان العلاج بالأدوية، الأولى أنَّ الأدوية فعالة في علاج المرض ولكنها تحتاج لبعض الوقت لتبدأ بالقضاء على أعراض المرض، وهنا يحتاج المريض للصبر والمطاولة، وإذا لم ينجح العلاج بعقارٍ معينٍ فبالإمكان الانتقال الى عقارٍ
آخر.
والثانية، أنَّ هذه الأدوية فعالة وأمينة أيضاً ولا تسبب أيَّة أعراض جانبيَّة خطيرة ولا تسبب الإدمان.
هذا يعني أنَّ عليكِ مراجعة طبيبٍ نفسي، وأنْ تستفيدي من الإرشادات النفسيَّة والعلاجات السلوكيَّة والمعرفيَّة التي يرشدك إليها، وأنْ تضعي ثقتك فيه ولا تتنقلي من طبيبٍ الى آخر، وأنْ تكوني على يقينٍ بأنَّ صبرك وعلاج طبيبك سيجعلانك تشفين. وسندلك على طبيبٍ نفسي في مدينتك سنكتب لكِ
اسمه على الخاص، وقولي له إنَّك من
طرفنا، حاملة معك هذا العدد من جريدة الصباح.
مع خالص تمنياتنا لكِ بالشفاء والحياة الزوجيَّة المستقرة.