ترامب الجديد حمامة وغاندي صغير

آراء 2019/06/25
...

نوزاد حسن
في الشتاء الماضي ذهبت الى حديقة الزوراء لارضاء فضول ابني الصغير.وبعد تجوال في انحاء الحديقة ورؤية الحيوانات التي لم يكن حالها جيدا ابدا بمعنى انها لم تكن سعيدة.قبل خروجنا تذكرت صالة الافاعي التي كنت احب الدخول اليها، لانها كانت صالة طويلة توزعت بين جانبيها صناديق زجاجية لامعة داخلها افاع من كل لون وشكل.قررت ان ابحث عنها فاخبرني احد الموظفين عن مكانها. تفاجأت حين شاهدت ان الصالة الكبيرة تحولت الى صندوق زجاجي واحد كبير فيه افعى ضخمة لفت نفسها كاطار سيارة.وما اثار استغرابي وجود حمامة بيضاء في زاوية القفص ترتجف من الرعب.كانت الحمامة تتأهب للطيران لكن الى اين.سألت الموظف.ما هذا.؟ قال: هذه الحمامة طعام للافعى. سألته: هل يجوز ان تقدموا حمامة دون ذبحها الى افعى.هل ينطبق هذا العمل مع معايير الرحمة.قلت له انظر اليها.لكن يبدو ان الرجل الف المنظر.وزادني من الالم بيتا جديدا قائلا:ان لديهم المئات من الطيور التي تقدم يوميا لافعى لا يزورها رواد الزوراء.
  بلا شك عادت حمامة الزوراء المرحومة الى واجهة ذاكرتي بعد حادثة اسقاط الطائرة الاميركية المسيرة. وعاد الى ذاكرتي ايضا جيش من المحللين السياسيين الذين تحدثوا عن حرب محتملة.وكي يعطونا سببا قويا لتبرير توقعهم ذكروا ان اي استهداف للقوات الاميركية على سبيل الخطأ سيشعل فتيل ازمة حربية.بلا شك هذا الكلام بدائي ومتأثر بقصص الحرب ايام الجاهلية.والدليل ان ايران اسقطت طائرة مسيرة دون ان تقوم الولايات المتحدة برد فعل يتناسب مع قدرتها العسكرية او على الاقل يتناسب مع مزاج ترامب الذي ظهر لنا بصورة جديدة.
هل نحن امام ترامب جديد ريشه ناعم لانه حمامة لا تشبه حمامة الزوراء التي حبست في قفص القدر مع افعى.اذن اين ذلك الرجل الذي يتخذ خطوات قوية كان اهمها الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران.يبدو ان وجه ترامب الذي لم نألفه فاجأ العالم كله وعلى الاخص محللي زمننا الغارقين بوهم حروب العصور البدائية.
في مؤتمر صحفي نشرته الشرق الاوسط تحدث ترامب عن مستشاريه ان بعضهم يتشدد ازاء ايران,والبعض الاخر يتصرف بدبلوماسية. ويعترف ترامب انه هو المسؤول في النهاية لانه صاحب القرار النهائي.مضيفا”انهم كانوا يقولون عنه بانه صقر لكنه ظهر للعالم على انه حمامة.ومن الافضل لو قال حمامة شقراء.
في الواقع لم يكتشف احد ان رئيس الولايات المتحدة الذي وصف في اكثر من مرة بانه لا يتهاون مع ايران، وانه مستعد لكل الاحتمالات.. لم يتوقع احد ان لترامب هذه النعومة
شيء اخر فاتنا جميعا وهو ان هناك غاندي صغيراً كان مختفيا تحت جلد هذا الرجل.فقد تناقلت الفضائيات تصريحه انه امر بعدم توجيه ضربة لايران بعد معرفته ان 150 شخصا سيلقون حتفهم. انه اللاعنف الجديد.