علي حسن الفواز
يحاول المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين عمل الصعب لمعالجة تعقيدات الملف اللبناني، ولمنع توسع العدوان الصهيوني إلى حرب شاملة، لاسيما قبل بدء الانتخابات الرئاسة الأميركية، والتي يعدها البعض واقعاً من الصعب تجاوز معطياته، وفرض خارطة جديدة تدعم سياسة الديمقراطيين، وتعزز فرصهم في السباق الانتخابي، لكن طبيعة الصراع لها تداعيات أخرى، فالكيان الصهيوني يحاول أن يضع شروطاً مضافة، يتجاوز بها القرار الأممي 1701، في حين يتفق اللبنانيون حكومة وبرلماناً ومقاومة على الالتزام الدقيق بالقرار، دون تغيير حرف واحد كما قال نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني، وهو ما رشح خلال الساعات الأخيرة بوجود تفاهمات أميركية حول اتفاق محتمل.
الحرج الأميركي يقابله استهتار صهيوني، وتهديدات مفتوحة تدخل في سياق توصيف جرائم الحرب، وهذا ما يجعل الحلول الدبلوماسية أمام رهانات صعبة، وأمام إجراءات يمكن أن يستغلها نتنياهو لفرض قاعدة الحرب المفتوحة، رغم الخسائر الكبيرة التي يواجهها كيانه، وأن إصراره على مواصلة العدوان يكشف عن الفشل، وعن تلك الخسارات، والتي تحولت إلى وضع داخلي صعب.
تعدد الزيارات إلى لبنان يعني صعوبة المعالجة الأميركية، وعن تأثير ذلك في مسار الانتخابات، فرغم أن المندوب الأميركي لا يملك عصا سحرية، إلا أن التهاون الأميركي ودعمه الكبير لسياسات الكيان الصهيوني هو ما يثير التساؤل ويضع علامات استفهام على هذا التشابك في المصالح، وفي الرؤية الأميركية لملفات الأزمة في الشرق الأوسط، لأن الفشل في ذلك سينعكس على ملفات الفشل في التعاطي مع الموضوع الفلسطيني، والموضوع الأوكراني، ومع الموضوع التايواني، وحتى مع المتغيرات الاقتصادية التي بات يفرضها تكتل "بريكس" على الواقع الدولي، فهذه الملفات رغم اختلافها، إلا أنها تلتقي عند التعالق الجيوساسي للمصالح الأميركية، وللشكل الجديد الذي ستؤديه الرئاسة المقبلة.
فشل المحاولات الأميركية، وسوء إدارة وزارة خارجيتها ومدير جهاز مخابراتها، سيتحول إلى عنصر ضغط لمحاولة إيجاد حلول صعبة، فوسط التخادم والتخاذل أمام الشروط الصهيونية، يمكن للأدوار أن تأخذ مسارات أخرى، تضع مصالح الكيان فوق مصالح الآخرين، مثلما تكشف عن علاقة ذلك بالخطاب السياسي الذي تجاهر بها الولايات المتحدة الداعم للصهاينة في عدوانهم وسياساتهم، التستّر على جرائمهم وعنصريتهم، وحتى في مواقفهم المتشددة إزاء الملف الإيراني وحديث السلاح النووي الذي يخشى نتنياهو من تأثيره في واقع الصراع، وفي معادلات الردع الأمني في المنطقة.