كتب رئيس التحرير:
رسالة المرجع الأعلى السيّد علي السيستانيّ على إيجازها هي خارطة الطريق التي ينبغي لأهل الشأن عندنا ترسمّها واتباعها. فقد قال سماحته فيها ما كرَّره مراراً في مناسباتٍ عدَّة وتضمَّنتْ ثوابت حرص على أنْ تكون مبثوثة في خطب المرجعيَّة طوال سنوات، لكنها هذه المرَّة حاضرة في نصّ بليغ جامع مانع بتعبير المناطقة.
شخَّصت الرسالة الأوبئة التي فتكتْ بالجسد العراقيّ وفي مقدّمتها الفساد والتدخّلات الخارجيَّة ووجود السلاح خارج إطار الدولة. ولا يمكن تصوّر الدولة القويَّة التي يحلم بها العراقيون من دون السعي إلى إيجاد علاج لهذه الأمراض. وهذه المهمَّة لا تقع على عاتق المشتغلين بالسياسة أو المسؤولين التنفيذيين وحسب، بل هي شاملة لكلِّ من يجد في العراق دولته التي يريدها قويَّة معافاة. دليل ذلك أنَّ السيّد السيستانيّ وجَّه وصاياه إلى عموم العراقيين كافة وخصَّ منهم بالذكر الطبقة المثقفة والنخب الواعية لأنَّ القضاء على الفساد كممارسة وثقافة، وتغليب الحوار على الاحتكام للسلاح وبثّ الروح الوطنيَّة في مقابل تدخّلات الآخرين، كلّ هذه موارد لا تتحقق بقرار سياسيّ بل بجعلها مطالب مجتمعيَّة ضاغطة على من بيده القرار.
لم تنسَ رسالة السيّد السيستانيّ الموضوع الأهمَّ الذي يشغل بال المسلمين كلّهم اليوم، وهو حرب الإبادة التي يشنّها الكيان ضدَّ الأبرياء في غزّة ولبنان، فكانتْ كلماته سنداً لهم وللعراقيين الذين لم يدّخروا جهداً في مساعدة إخوانهم في محنتهم.
وصايا السيّد السيستانيّ تنبيه لنا جميعاً ولأهل الشأن خصوصاً أنّ الأخطار المحدقة بنا كثيرة واجتيازها ليس مستحيلاً إذا توفرت نوايا صادقة.