طه جزاع
إذا ما قُدر لبغداد أن تشهد خلال السنوات القادمة تنفيذ التوجه الحكومي
الذي أكدته لجنة الاستثمار والتنمية النيابية عن انشاء عاصمة إدارية تضم جميع الوزارات والدوائر، فإن ذلك سيمثل
مشروعاً عملياً من مشاريع محاولات انقاذ بغداد من الاختناق الذي كاد أن يجعل الحياة فيها مكابرة تحتاج إلى طاقة كبيرة من الصبر وهدوء الأعصاب والقدرة على التحمل.
فكرة انشاء العواصم الإدارية بعد اكتظاظ العواصم التقليدية وازدحامها بمرور الزمن، ليست جديدة، وأقرب مثال ناجح على ذلك مدينة بوتراجايا العاصمة الإدارية لماليزيا التي حلت محل كوالالمبور وتم نقل
مقر الحكومة وجميع وزاراتها إليها منذ ربع قرن لتصبح مجمعاً حكومياً تتيسر فيه جميع أنواع المعاملات والمراجعات الرسمية للمواطنين الماليزيين وغيرهم من المقيمين الأجانب، لكنها في الوقت نفسه مدينة مفتوحة وغير مغلقة بالقواطع الاسمنتية أو الأسلاك الشائكة، إنما هي مدينة سياحية فيها المسجد الأحمر بطرازه المعماري واطلالته الفريدة، والمتنزهات والفنادق والمطاعم والبحيرات والجسور ووسائل الترفيه للسواح والزائرين، كما لا يوجد ما يمنعهم أن رغبوا في الدخول إلى مبنى رئاسة الوزراء والبرلمان لأغراض الاطلاع والتقاط الصور التذكارية، وقد كانت بوتراجايا من أفكار محاضير محمد الذي لم يهدأ له بال قبل أن يتحول حلمه إلى واقع ملموس بعد أن توفرت له التخصيصات المالية كاملة، من دون أن يُترك أمره لقرارات الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم، وأمزجتها في رسم الموازنات السنويّة.
من يدري، ربما سيشهد الجيل الحالي
افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة
للعراق التي تعطي لبغداد فرصة للتنفس النقي بعيداً عن التلوث البيئي ومسبباته، ولو على سبيل الحياة تحت أجهزة الانعاش!.