الحسينية تقرأ

الصفحة الاخيرة 2024/11/10
...

محمد غازي الأخرس


يوم الجمعة، كنت مدعواً لتقديم شهادة شفاهيّة عن القراءة في مهرجان نظم بمدينة الحسينية شمال بغداد. دعيت لتقديم الشهادة من شباب أحبهم، ولم أتردد لحظة في الموافقة، بل إن اثنين منهم زاراني في بيتي لتصوير كلمة بسيطة أوجهها لمتابعيهم للمشاركة في المهرجان وإنجاحه. موقفي بهذه النشاطات معروف، فأنا أراهن على الكتاب والقراءة دائماً فكيف إذا كان المهرجان يقام في مدينة تقع في الظل وهي بعيدة
عن الأضواء في كل الفترات، قبل 2003 وبعدها.
بيني وبينكم، حين حضرت استمتعت كثيرا  ونسيت نفسي في تلك الأجواء، وشعرت بحميمية غالبا ما أفتقدها في المناسبات الثقافية "الرفيعة" التي أحضرها ،حيث البدلات الأنيقة والأحذية اللامعة.
في "الحسينية تقرأ" شاهدت الناس على سجيتهم الرائعة، وأكثر ما أسعدني حضور الاسر الكثيف، نساءً وأطفالاً وشباناً ورجالاً. كان من بين الحاضرين رجل في السبعين بلحية بيضاء وملامح ترشح طيبة ونقاءً. حين جلسنا بعد كلمتي اشتكى من الزمن الذي أزاح الكتاب من بيوت الناس وجعل الشباب حريصين على متابعة التيك توك والانستغرام أكثر من قراءة الكتب والاستزادة من المعرفة خارج ما تقدمه المدارس، ثم انتبه وقال : يا ريتهم بقوا على المدارس، حتى المدارس بدوا يتسربون منها ويتجهون إلى العمل.
المبهر في حديث ذلك الرجل هو مدى وعيه للمشكلة التي تحاول مهرجانات القراءة التخفيف عنها أو التنبيه لها، أعني ضرورة إعادة الاعتبار للكتاب الذي ارتبط بالعراق حتى أصبح ماركة مسجلة له.
للأسف، لم يعد الكتاب جزءا من حياتنا، ولا المكتبات مشهداً معتادا في بيوتنا، تلك كانت خلاصة ما قلته في المهرجان فعسى أن تتبدل هذه الخلاصة في المستقبل.