د. سهام السامرائي
في إحدى القرى، كان هناك رجلٌ يمتلك بعض الدجاج، وبين الحين والآخر كان يلاحظ أن عدد دجاجاته يتناقص بشكل غريب. شعر أن هناك من يسرق منها، فقرر أن يذهب إلى شيخ القرية ليشكو له ما يحدث.
استمع الشيخ إلى شكوى الرجل، ثم دعا جميع أهل القرية إلى اجتماع عاجل. وبطريقة هادئة، أخبرهم بأن دجاج هذا الرجل يُسرق، وأنه قد عرف السارق.
وبدأ الكلام يدور بين أهل القرية وأخذوا يسبّون السارق بالشتائم، وشاركهم في ذلك السارق نفسه، فسأل أحد الموجودين شيخ القرية: هل تعرف السارق؟. فقال: نعم. ثم سأله: هل هو موجود بيننا؟. فأجاب: نعم. فسأله: هل تراه؟. فقال شيخ القرية: نعم. فطلب منه الرجل أن يعطي لهم صفة له، فقال لهم: (على رأسه ريشة)، في إشارةٍ منه إلى أنه عندما أخذ الدجاج علقت برأسه ريشة، فقام السارق من دون أن يشعر بتحسس رأسه فعرفه الجميع وانكشف أمره.
غالبًا ما نستعمل هذا المثل عندما نتناول موضوعًا معينًا أو ظاهرة معينة، نتكلم فيها عن سلوك غالبًا ما يكون مخالفًا للمبادئ الدينية والقيم الإنسانية، فنجد البعض يظنون أن الرسالة موجهة إليهم وأنّهم المعنيون، إذ يتعاملون بكل غباء وتهور وبعيدًا عن العقل والمنطق والحكمة. يتحسسون وينزعجون ويدافعون ويعترضون ويخاصمون ويُعادون وينتفضون بشكل غريب وكأنّ الحديث عنهم؛ لئلا تظهر حقيقتهم المخيفة، بل يصل الأمر في بعض الأحيان إلى التهديد على أن هذا المنشور أو المقالة كان موجهاً له وأنّه هو المقصود بذلك، على الرغم من أنه لم يذكر أي طرفٍ، ولم يُشر إلى أي شخصٍ أو اسمٍ أو مؤسسةٍ من قريبٍ أو بعيد.
إنَّ تحسّس بعض الأشخاص ممّا يُنشر من موضوعاتٍ عامة لا يمكن تفسيرها إلا في إطار أن هؤلاء الأشخاص يعدّون أنفسهم من الظَّلَمة وممّن تلطخت أيديهم بالمال الحرام.
ليس ذنبي أن كنت تُسقِطُ ما أكتبه على نفسك، وأنَّ ما أذكره ينطبق عليك ويعكس حقيقتك، فإنْ كان كذلك فنعم أنا أقصدك، وإنْ لم تكن فأنت تضع نفسك في موضع الشبهة والاتهام، فالكلام ليس موجهًا لك، وهذا ليس ذنبي، بل هو ذنبك ومشكلتك. إن محاربة الكلمة تُعدّ انتكاسة قانونية وحقوقية،
وديمقراطية خطيرة.