بيروت : جبار عودة الخطاط
تصعيد خطير للغاية يعمد إليه جيش الكيان الصهيوني؛ توازياً مع ما يتم تداوله عن حراك سياسي لطرح تسوية يقول مراقبون بأن تل أبيب تسعى للتفاوض عليها بالنار، بغية فرض شروطها القاسية على لبنان، حيث كثّف الطيران المعادي من غاراته الهمجية على ضاحية بيروت الجنوبية فضلاً عن المناطق الأخرى، في وقت صادق فيه رئيس أركان الجيش الغاصب هرتسي هاليفي على خطط توسيع العملية البرية في لبنان.
وبرغم حالة التضارب بين ما تضخُّه وسائل إعلام العدو من تسريبات عن مسودات اتفاق مع لبنان، وأن مسألة التسوية أصبحت وشيكة، وبين إعلان الجيش الصهيوني عن إطلاق المرحلة الثانية من (عمليته البرية) وتوسيع ذلك، فإن مراقبين يعزون هذا الإعلان إلى الضغط الذي تمارسه تل أبيب للقبول بما تريد تكريسه من تسوية قاسية فيها مسٌّ بالسيادة اللبنانية، وهذا ما شدد عليه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في وقت سابق بأنه لا يمكن القبول بتسوية تحقق المصلحة الصهيونية على حساب المصلحة اللبنانية.
إلى ذلك، وصل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أمس الأربعاء، إلى مطار بيروت الدولي في زيارة يجري خلالها محادثات مع رئيسي مجلس النواب نبيه برِّي والحكومة نجيب ميقاتي ونظيره عبد الله بوحبيب وقائد الجيش العماد جوزيف عون. وقال عبد العاطي من مطار بيروت: "نؤكد ضرورة وقف العدوان على لبنان ونعمل على ذلك من خلال اتصالات مكثّفة مع الولايات المتحدة وجميع الدول"، مؤكداً "نرفض أن يكون انتخاب رئيس للجمهورية شرطاً لوقف إطلاق النار، ونرفض أيّ إملاءات خارجية في الملف الرئاسي" .
حزب الله من جانبه الذي فوَّض برِّي التفاوض لوضع حد للحرب الطاحنة، لا يراهن كثيراً على ما يتم تداوله من حراك دبلوماسي وهو - كما عبر أكثر من مسؤول فيه - يراهن اليوم على وقائع الميدان حيث يرابط عناصر الحزب بقوة في جنوب لبنان متصدياً بصلابة لمحاولات توغل الجيش المعادي الذي فشل حتى الآن في تنفيذ مخططه في إبعاد الحزب إلى شمال الليطاني، الأمر الآخر الذي يشدد عليه حزب الله في مقاربته العسكرية هو ضرباته النوعية عبر قوته الصاروخية ومسيراته الانقضاضية التي تستهدف تجمعات العدو ومستوطناته في الجليل والعمق الصهيوني.
إزاء ذلك، لجأ جيش الكيان المحتل إلى تشديد غاراته العنيفة التي صبَّت حمم نيرانها على مختلف مناطق لبنان وكان لضاحية بيروت الجنوبية حصة كبيرة، حيث شنَّ الطيران الحربي الصهيوني سلسلة غارات فجر وظهر أمس الأربعاء على الضاحية استهدفت مناطق حارة حريك، وبئر العبد، والليلكي والغبيري، وشنَّ الطيران المعادي غارة على دوحة عرمون، عند نزلة منطقة البيادر، أدَّت إلى سقوط 8 شهداء وعدد من الجرحى وتدمير طوابق المبنى.
من جانبه، أعلن حزب الله، استهداف تجمّع لقوات جيش العدو للمرّة الثانية، في خربة المنارة (قرب مستوطنة المنارة)، بصليةٍ صاروخية نوعية، وحقق إصابات دقيقة. هذا وتكرر دوي صفارات الإنذار في مناطق مختلفة من الجليل بعد ورود إشارات عن اختراق صواريخ من لبنان.
في الأثناء، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين، قولهم إن "رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو أشار لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنه يريد إنهاء الحرب في لبنان خلال أسابيع"، وذكر مسؤول أميركي للموقع أن "اجتماعات الوزير الصهيوني رون ديرمر، بواشنطن بشأن وقف إطلاق النار بلبنان كانت مثمرة" .
وكان المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، قد ذكر في حديث لصحافيين إن "هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان قريباً ونحن مفعمون بالأمل" .
إلى ذلك، أعرب النائب غسان عطالله، عن تخوُّفه من الأيام المقبلة، "وما قد تحمله من تطورات قد لا تكون في مصلحة لبنان"، مضيفاً "وقف إطلاق النار ليس بيدنا، ولسنا نحن أصحاب القرار"، مضيفاً "مهما تحدثنا وتكلمنا فلن نخرج بنتيجة، فنحن قدمنا كل شيء لوقف إطلاق النار، والرسالة التي أبلغها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، كانت واضحة في عزم لبنان على تطبيق القرار الدولي 1701 ووقف العمليات الحربية. ومع الأسف كان الجواب سلبياً، لأن الصهيوني هدفه اليوم أكثر وأكبر مما نتخيله، فهو يريد ضرب كل لبنان واللبنانيين جميعهم، وليس فئة معينة فقط كما يزعم" .