كتب رئيس التحرير:
أمس كان الموسم الحادي عشر من فعاليَّة "أنا عراقيّ أنا أقرأ" التي أسَّسها مجموعة من الشابات والشباب سنة (2013) لتشجيع القراءة والترويج للكتاب وإشاعة النشاط الثقافي في صفوف الأجيال الجديدة. ومنذ انطلاق المبادرة حظيتْ بتفاعلٍ شعبيّ لافتٍ وحضورٍ مميّزٍ من لدنْ الشباب، ففي مثل يوم أمس من كلِّ عامٍ تكتظ حدائق أبي نؤاس بعشرات الآلاف ممن يجتذبهم الكتاب وتستهويهم فرادة المبادرة لتتطابق بغداد مع تاريخها وتغدو مدينة كتاب وقرّاء.
في غضون ساعاتٍ وزّع الشباب (45) ألف كتابٍ مجاناً على الحاضرين، وعُقدتْ في زوايا الحدائق جلسات قراءةٍ ونقاش، وأقيمتْ حفلات تواقيع لبعض الكتب الصادرة تواً، والتقى القرّاء مع كتّابهم، فكان يوم أمس كما كلّ عام كرنفالاً عنوانه الكتاب.
ميزة هذا المهرجان أنه ـ من دون سائر الفعاليات المشابهةـ حافظ على دفقه واستمراره، وبقي بعيداً عن ثقافة التسليع والبيع والشراء، فقد آثر القائمون عليه أنْ يكون كلّ شيءٍ فيه مجانياً، وأنْ ينأى بنفسه عن الاشتباك مع التجاذبات السياسيَّة والفئويَّة وأنْ يظلَّ وفياً للهمّ الثقافيّ ولتقريب الجمهور من الكتاب.
الحضور المفرح للشباب أمس يُثبت أنَّ الجيل العراقيَّ الجديد لم يزلْ توّاقاً إلى المعرفة، كما يُثبت أنَّ للكتاب الورقيّ سطوته التي لم تنلْ منها القراءة الإلكترونيَّة، ويؤكّد أنَّ فعاليَّة جادّةً يقف وراءها النبلُ ونكران الذات قادرة على أنْ تستمرَّ وأنْ تستقطب جمهوراً خاصاً بها.
تحيّة لشبان عراقيين يشيعون حبَّ القراءة والمعرفة من أجل أنْ يظلَّ الإنسان الذي خطّ أول حرفٍ في الكون، عراقياً يقرأ.