عبد الهادي مهودر
دأب مجلس القضاء الأعلى، على إصدار إحصائيات شهرية لحالات الزواج والطلاق، تتلاقفها وسائل الإعلام على الفور لما فيها من موثوقية وإثارة، ومؤشرات تعكس واقعنا الاجتماعي، مع التركيز أكثر على حالات الطلاق. إذ كشفت إحصائية شهر تشرين الأول عن أرقام مذهلة، بلغت (6696) حالة طلاق، وما يقرب من (35) ألف حالة زواج.
من ناحيتي، أجريت إحصائية لـ”النصف المملوء من الكأس”، وتبيّن وقوع أكثر من (1100) زواج في اليوم الواحد خلال الشهر المذكور، أي بمعدل (48) حالة زواج كل ساعة، مقابل نحو(223) حالة طلاق يومياً، ما معدله (9) طلاقات في الساعة. ولكم أن تشاهدوا هذا العدد الهائل من المناسبات الصاخبة التي تجمع وتفرّق وتملأ المحاكم، لكن الأغرب من الطلاق هو أسبابه وسرعة اتخاذ القرار من دون أي حساب للعواقب، أما الأسباب التي شخَّصتها محكمة أحوال الرصافة، فإنها تظهر أن مواقع التواصل الاجتماعي تأتي في المرتبة الأولى، تليها المشكلات الاقتصادية، وأزمة السكن، ومن ثم الجهل وأخيراً عدم استعداد معظم الشباب لإكمال مسيرة الزواج.
في خضم زحمة الأرقام، والإحصائيات الشهرية المتقاربة، يتعين على مراكز الأبحاث، والجهات المعنية الأخرى، ألا تكتفي بقراءة بيانات المحاكم والإحصاءات “المذهلة”، من دون إيجاد حلول، والوقوف على الأسباب التي جعلت من الطلاق أسرع قرارات يلوذ إليها الشباب، مع أن التاريخ يروي عن أجدادنا العرب أنهم كانوا (مزواجين مطلاقين)، لسبب ومن دون سبب، ولا نعرف مدى صحَّة هذه الروايات، لكن ما نعرف صحته اليوم عبارة “من شابه أباه فما ظلم”، فهي تعكس أن الشخص الذي يتبع سلوك والده أو أسلافه لا يُلام، بل هو مجرد استمرار للتقاليد والعادات التي نشأ عليها، مع فارق أن الزواج في ذلك العهد لم يكن معقَّداً، كما أن الطلاق ما كان يقود إلى كوارث اجتماعية كما يحصل مع الأحفاد، بل أن بعض الشباب اليوم، رجالاً ونساء، يقررون الطلاق لأتفه الأسباب. ولا تبدو القضية محصورة بالمجتمع العراقي، ولو كانت العراقية تطلّق كونها لا تجيد طبخ (الباچة)، فالمرأة الهندية تطلب الطلاق لأن زوجها يحبها بشكل مفرط، ولا يعنّفها.