علي حسن الفواز
ماذا بعد أن انتهت الانتخابات الأميركية، وتوزعت الغنائم الرئاسية بين المرشحين؟ فهل ثمة جديد في الأمر؟ وكيف ستكون جبهات السياسة والاقتصاد والأمن العالمي بعد هذه الانتخابات؟.
هذه الأسئلة وغيرها باتت جزءا من أحاديث المقاهي السياسية، ومن قراءات وسائل الإعلام ومراكز الرأي العام، وهي تبحث في الأسباب التي أدّت إلى هزيمة الديمقراطيين، وفوز الجمهوريين، وفي العوامل التي جعلت المزاج الشعبوي الأميركي ينحاز إلى إعادة انتخاب المرشح دونالد ترامب، ومعاقبة المرشحة كاملا هاريس كناية عن معاقبة الرئيس بايدن على سوء إدارته لملفات السياسات الداخلية والخارجية.
هناك تقرير نشرته مجلة "بوليتيكو" الأميركية يشير إلى دور العرب الأميركيين في ترجيح فوز ترامب، لأنهم صوتوا ضد سياسة بايدن "الصهيونية" وتماهيا مع الوعود التي أطلقها المرشح الجمهوري بتصفير الحروب في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما أن تصرفات مرشحة الرئاسة الديمقراطية كانت تفتقر للياقة في تعاطيها مع المناشدات العربية، وفي النظر إلى القضايا التي تخصهم، بما فيها الحروب الملعونة التي يفرضها الكيان الصهيوني في المنطقة، وحجم الجرائم التي يرتكبها في غزة وفي لبنان.
تكشف قراءة خارطة الأصوات الانتخابية في التنافس الانتخابي عن معطيات وعن مفارقات، تؤكد وجود تغيّرات كبيرة، ومؤشرات وأرقام لها دلالاتها السياسية والانثربولوجية، وأن الأمريكيين بتنوع مرجعياتهم انحازوا إلى شعبوية ترامب أكثر من تأييدهم لسياسات بايدن وكاميلا العنصرية، والمغالية في ولائها لخيارات حرب الكيان الصهيوني، فضلا عن دعم ما يسمى بـ" حق الإجهاض" الذي يرفضه المرشح ترامب، حد أن بعض المتظاهرين اتهم المرشحة كاميلا بـ "أنها قاتلة الأطفال" كنوع من الاحتجاج على هذا الموقف الذي ترفضه الجماعات الدينية في الولايات المتحدة.
خسارة المرشحة الديمقراطية لم تدهش أحدا، لأنها كانت نتيجة واقعية لسياسات عشوائية، ولسوء إدارة أفقدت الرئيس جو بايدن قدرته الكاملة على مواجهة احتجاجات عدد من "الأقليات" في الولايات المتحدة، بما فيها الجماعة العربية، الرافضة لاستمرار سياسة الحرب، والموقف من أحداث أوكرانيا، ومن تحمل الأعباء الاقتصادية لها، ورغم أن طبيعة السياسة الأميركية محكومة بعوامل مهيمنة، وأنْ لا فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين في تجاوز تلك العوامل، إلا أن واقعية الاختيار والانتخاب لها حمولات نفسية وأمنيات تدفع البعض للبحث عن متغيرات حتى لو كانت تشبه البحث عن الأبرة في كومة القش.